من طرف sami السبت مايو 24, 2014 9:49 am
ولمزيد من المعلومات أعرض عليكم التقرير التالي:
ما هي اختبارات (بيزا)؟
بدأت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) هذه الاختبارات في عام 2000م، وهي تركز على ثلاثة مجالات أساسية، هي القراءة، والرياضيات، والعلوم، وتقام الاختبارات كل ثلاث سنوات، وفي كل مرة يكون التركيز على أحد هذه المجالات، وفي الاختبارات التي ظهرت نتائجها مؤخرًا، والتي كانت قد أجريت في العام الماضي (2009م)، كان التركيز على مجال القراءة.
ولابد من التأكيد على أن الأمر لا يتعلق باختبارات في المناهج الدراسية، بل على قياس مهارة حل المشكلات في تلك المجالات، دون تركيز على محتوى المناهج الدراسية المتعلقة بها، أي المهارات والمعارف التي يحتاجها الطلبة في حياتهم، ممن بلغوا سن الخامسة عشرة من عمرهم، والذين أوشكوا على الانتهاء من مرحلة التعليم الإلزامي، لمواجهة تحديات الحياة اليومية.
وحتى تتضح الصورة أكثر، فإن اختبارات القراءة، لا تسأل الطالب عن معاني المفردات، بل تقدم له مثلاً نصين مختلفين، أحدهما بعنوان (طريق المستقبل)، عن فوائد العمل من البيت باستخدام التقنيات الحديثة، وعدم الحاجة للانتقال بالمواصلات، وإهدار الوقت، والإضرار بالبيئة من جراء عوادم السيارات. ونص آخر بعنوان (كارثة ترسم ملامحها) تتعلق بأهمية إيجاد سبل للحفاظ على البيئة، بتحسين شبكات المواصلات العامة، وتوفير عمل للموظف بالقرب من منزله، بحيث لا تصبح القاعدة، عمل كل فرد في منزله، عن طريق الكمبيوتر، واقتصار العمل على إنهاء المعاملات، دون رؤية الآخرين، وبالتالي حدوث المزيد من التفكك في العلاقات بين أفراد المجتمع. يقرأ الطالب النصين، ويحلل العلاقة بينهما، هل يتبنيان وجهتي نظر متناقضتين، أم أن الواحدة تكمل الأخرى، أم أن النصين ينطلقان من نفس المنطق ولكنهما يتوصلان إلى نتيجتين مختلفتين، أم أنهما يستخدمان نفس الأسلوب اللغوي.
وفي الرياضيات لا تتضمن الأسئلة مسائل يكون الطالب قد تدرب عليها مع المعلم من قبل، وحفظ خطوات الحل، بحيث يغير الأرقام فقط، بل تذكر له مثلاً أن نجارًا عنده 32 مترًا من الخشب، ويريد أن يصنع حوضًا في الحديقة بهذا الخشب، وأنه فكر في أربعة أشكال هندسية مختلفة، لا تقتصر على المستطيل أو المعين، بل تشمل أشكالاً أخرى، طول كل منها 10 سم، وعرضها 6 سم، ومطلوب من الطالب أن يحدد أي هذه الأشكال قابل للتنفيذ بهذا الخشب.
وفي العلوم، يجرى اختبار قدرة الطالب على استخدام الدليل العلمي، ويأتي نص يحمل عنوان: الأمطار الحمضية، مرفق به صورة لمجموعة تماثيل تدعى كاياتيدزCaryatids تم بناؤها في أكروبوليس Acropolis في مدينة أثينا اليونانية وذلك قبل 2500 عام خلت. والتماثيل مصنوعة من الرخام الذي يتكون من كربونات الكالسيوم، ويظهر في الصورة تآكل في التماثيل، ثم يطرح السؤال التالي:
هناك شريحة من الرخام تبلغ كتلتها 2 جرام وذلك قبل غمرها في محلول الخل طوال الليل. في اليوم التالي تم إخراجها من المحلول وتجفيفها، كم ستصبح كتلة الشريحة الرخامية بعد تجفيفها؟
• أقل من 2 جرام.
• 2 جرام.
• من 2.3 جم إلى 2.4 جم.
• أكثر من 2.4 جرام.
(للاطلاع على المزيد من النماذج في المجالات الثلاث، يمكن الرجوع إلى موقع المجلس الأعلى للتعليم في قطر، وهو: http://www.education.gov.qa/content/...l/detail/27681)
ونقلاً عن هذا الموقع، فإن المجالات المعرفية المستهدفة من اختبارات البيزا، تتطلب المعارف الأربع الآتية:
1. المعرفة الرياضية (الرياضيات):
وهي قدرة الفرد على تحديد وفهم الدور الذي تلعبه الرياضيات للتوصل إلى أحكام تقوم على أسس سليمة وعلى استخدام الرياضيات والتعامل معها بحيث تفي باحتياجات الفرد الحياتية كمواطن فعال ومسؤول ذي تفكير سليم.
2. معرفة القراءة:
وهي قدرة الفرد على فهم واستيعاب واستخدام النصوص المكتوبة كي يحقق أهدافه وينمي معرفته وإمكانياته ويشارك في مجتمعه.
3. المعرفة العلمية:
وهي القدرة على استخدام المعرفة العلمية لتحديد القضايا المطروحة والتوصل إلى الأدلة المعتمدة على النتائج والإثباتات القاطعة كي تصبح مفهومة،ولتساعد على اتخاذ القرارات الخاصة ببيئتنا الطبيعية وإجراء التغييرات فيها من خلال النشاطات البشرية.
4. مهارات حل المشكلات:
وهي قدرة الفرد على استخدام المهارات المعرفية لمواجهة المواقف العلمية ذات التخصصات المتداخلة، عندما لا تظهر طرق الحل بوضوح وسهولة وحينما لا تكون مجالات المعرفة أو المناهج قابلة للتطبيق ضمن مجال واحد من الرياضيات أو العلوم أو القراءة مما يتطلب تطبيق تلك المهارات للتوصل إلى الحلول المناسبة.
مسابقة عالمية في التعليم بلا خاسرين
عندما أجريت هذه الاختبارات للمرة الأولى في العالم، أصيبت دول كثيرة بصدمة، فقد تبين أن مستوى الطلاب في دول تحتل مكانة عالمية متقدمة في العلوم والتقنيات، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا، أقل من مستوى نظرائهم في غالبية المجالات في كثير من الدول مثل: اليابان وكوريا وفنلندا وكندا ونيوزيلندا وأستراليا، والمملكة المتحدة، وأستراليا، وسويسرا وبلجيكا والنمسا والدنيمارك وأيسلندا، والسويد، وتشيكيا.
لكن القائمين على الاختبارات، أوضحوا أن القضية، ليست الترتيب في قائمة، وأن الأمر لا يتعلق ببطولة مثل دوري كرة قدم، اختبارات ونتائج وفائز وخاسر وينفض الجميع، بل هو دراسة متعمقة لكافة جوانب القضية التعليمية في كل دولة، من جهة محايدة، تسعى لمساعدة المسؤولين في كل دولة للتوصل إلى تقييم موضوعي للأوضاع التعليمية فيها، مع تحليل تفصيلي للنتائج.
ليس المطلوب من الطالب المشارك في هذه الاختبارات أن يجيب على الأسئلة المتعلقة بالقراءة والرياضيات والعلوم فحسب، بل هناك أسئلة أخرى كثيرة متعلقة بالمستوى الاجتماعي له، لفهم العلاقة بين المستوى التعليمي للأبناء والمستوى الاجتماعي للوالدين، هل أبناء الأسر الفقيرة، أضعف دراسيا؟ هل هناك تأثير بين المستوى الأكاديمي للأهل والمستوى الدراسي لأبنائهم؟
هل تنعكس عادة القراءة لدى الأهل إيجابيًا على مستوى الأبناء؟ هل هناك علاقة بين مكان وجود المدرسة، في مدينة كبيرة، أو في قرية نائية، وبين مستوى التلاميذ؟ هل يؤثر راتب المعلم على تخريج طلاب أكثر إقبالاً على التعلم؟ هل يؤثر حجم الفصل ونسبة الطلاب إلى المعلم على مستوى الطلاب؟ هل يؤدي تقسيم الطلاب حسب المستوى الدراسي في مرحلة متقدمة بعد الصف الرابع مثلاً –كما هو الحال في ألمانيا- إلى نتائج إيجابية؟ كم نسبة الطلاب الذين لا يجيدون القراءة بين جميع أقرانهم من نفس الفئة العمرية (15 عامًا)؟ وكم نسبة الطلاب الذين يبرعون في فهم النص وتحليله وإيجاد العلاقة بينه وبين المواقف الحياتية؟ هل تؤدي لامركزية التعليم إلى نتائج أفضل؟ هل توحيد الاختبارات على مستوى الدولة أفضل لجميع الطلاب؟ هل ارتفاع نسبة أبناء المهاجرين في المدارس تؤدي تلقائيًا إلى تراجع مستوى التعليم؟
دروس من اختبارات بيزا 2009م
لعلها لفتة بسيطة لكنها ربما تشير إلى الموضوعية التي تلتزم بها هذه الدراسة الصادرة عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ففي أول صفحة من هذه الدراسة، تشير المنظمة إلى أن البيانات الإحصائية التي استلمتها من السلطات الإسرائيلية المختصة، واستخدمتها المنظمة، لا تمس الوضع القانوني لهضبة الجولان، والقدس الشرقية، والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
وقد شارك في هذه الاختبارات حوالي 500 ألف طالب من 34 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، و40 دولة ومنطقة من خارج المنظمة، مما يشير إلى شمولية الدراسة على مستوى أنحاء العالم، باستثناء المنطقة العربية، التي أجمعت غالبية دولها على عدم المشاركة، لأسباب يمكن توقعها في ظل الأوضاع التعليمية فيها.
بلوغ القمة
احتلت كوريا بمعدل (539 نقطة) وفنلندا (536 نقطة) في مهارة القراءة رأس القائمة، بالنسبة للدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، أما من خارج المنظمة فجاءت مدينة شنغهاي الصينية في القمة بلا منازع، حيث حققت 556 نقطة، ثم هونج كونج (533 نقطة)، وسنغافورة (526)، وكندا (524)، ونيوزيلندا (521)، واليابان (520)، وأستراليا (515). وكان متوسط النقاط التي حصلت عليها دول المنظمة 493 نقطة. أما الدول التي كانت قريبة من المتوسط فهي: الولايات المتحدة، والسويد، وألمانيا، وأيرلندا، وفرنسا، والدينمارك، والمملكة المتحدة، والمجر، البرتغال.
وكانت أقل دول المنظمة نقاطا هي المكسيك، بمعدل 425 نقطة، بفارق 114 نقطة عن أفضل دول المنظمة، وهي كوريا (539).
أما أقل الدول نقاطًا في القراءة بين الدول غير الأعضاء في المنظمة، فهي قيرجستان، بمعدل 314 نقطة، وبفارق 242 نقطة عن أفضلها وهي شنغهاي (556)، وهو ما يعادل أكثر من ست سنوات دراسية بين طلاب البلدين. (أي أن طالب قيرجستان الذي يدرس في الصف التاسع، يعادل في مستواه الدراسي تلميذ شنغهاي، الذي يدرس في الصف الثالث الابتدائي).
مهارة القراءة
وضع خبراء المنظمة معايير، تحدد مستويات مهارة القراءة عند الطلاب، واعتبروا أن الطالب الذي لم يصل إلى المستوى الثاني، غير قادر على التعامل مع النص الذي يقرؤه، بصورة تكفل له الاستفادة منه في الحياة اليومية، وتجعله يواجه مشاكل جمة في المستقبل، وتشكل مجموعة الطلاب هؤلاء التحدي الأكبر أمام الأنظمة التعليمية، ويحتاج التغلب عليها إلى حلول تستغرق سنوات، ونسبة هؤلاء الطلاب في بعض الدول التي شاركت في الاختبارات، أقل من 10 في المائة، بل إنها لا تزيد عن 2 في المائة في كوريا، و3 في المائة في فنلندا، و6 في المائة في كندا، و8% في نيوزيلندا واليابان، و9 في المائة في أستراليا، والمقابل نجدهم في دول أخرى يشكلون الغالبية العظمى من الطلبة، في قيرجيستان (88 في المائة)، وفي أذربيجان (78%)، وبنما وقطر (72%)، وبيرو (70%)، وألبانيا (69%)، وكازاخستان (67%)، وأندونيسيا (65%)، والأردن (62%)، والجبل الأسود (61%)، والأرجنتين (59%)، وتونس (58%)، أما في دبي فنسبة هؤلاء الضعاف في القراءة (41٪).
أما المستوى الخامس في مهارة القراءة، فيصله الطلاب القادرون على استنباط المعلومات من النصوص المعقدة، واستخلاصها من بين معلومات متداخلة، وترتيبها، ومعرفة أي هذه المعلومات يفيد في التوصل إلى حل للمهمة، وهم يمتلكون معارف متخصصة، تجعلهم قادرين على تقييم النص بصورة نقدية، ووضع حجج، وفهم النص فهما دقيقًا ومفصلا، حتى لو كان الموضوع غريبا، ويقدرون على فهم تصورات الكاتب، والتي غالبًا ما تكون غير متوقعة، ويبلغ متوسط نسبتهم في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، 7,6%، ولكن هناك دول تبلغ نسبتهم فيها أكثر من ضعف هذا المتوسط، وهذه الدول هي سنغافورة، ونيوزيلندا، ومدينة شنغهاي، وقد وضعت بعض الدول هدفا نصب عينيها، وهو زيادة نسبة هؤلاء الطلاب، علما أن هناك 16 دولة نسبتهم فيها أقل من 1 في المائة.
وقد دلت نتائج الاختبارات المتوالية (2000، 2003، 2006، 2009م) على أن جهود الدول لزيادة نسبة الطلاب من المستوى الخامس في القراءة، وخفض نسبة الطلاب الذين لم يحققوا المستوى الثاني، لا تتعارض بعضها مع بعض، فقد استطاعت كل من فنلندا، وكوريا، وهونج كونج وشنغهاي، أن تقلل الهوة بين مستويات طلابها، وبقي غالبيتهم في القمة، بل إن كوريا استطاعت أن تصل بنسبة طلابها في المستوى الخامس في الفترة من عام 2000 إلى 2009م، إلى أكثر من الضعف.
مهارة الرياضيات
استطاعت كوريا أن تصل إلى المرتبة الأولى بين دول المنظمة، في مهارة الرياضيات، وحصل طلابها على 546 نقطة، ومن خارج المنظمة، احتلت المراتب الثلاثة الأولى كل من: شنغهاي (600 نقطة)، وسنغافورة (562 نقطة)، وهونج كونج (555 نقطة).
وقد حققت بعض الدول نتائج تفوق متوسط نقاط دول المنظمة، والبالغ 496 نقطة، من بينها فنلندا (541)، سويسرا (534 نقطة)، اليابان (529)، كندا (527)، هولندا (526)، نيوزيلندا (519)، بلجيكا (515)، أستراليا (514)، ألمانيا (513)، أيسلندا (507)، الدينمارك (503)، سلوفينيا (501).
ومرة أخرى تأتي قرجيستان في نهاية القائمة، لأن طلابها لم يحصلوا إلا على 331 نقطة، وقبلها بنما (360 نقطة)، وبيرو (365 نقطة)، وقطر (368 نقطة)، أما تونس فحصلت على 371 نقطة، والأردن على 387 نقطة، وإمارة دبي على 453 نقطة.
وهنا أيضًا يمكن المقارنة بين مستوى الطالب في شنغهاي الحاصل على 600 نقطة، مقابل طالب قرجيستان الحاصل على 331 نقطة، لنعرف الهوة الكبيرة في مهارة الرياضيات في البلدين، مع أهمية هذه المادة للدول التي ترغب في تأهيل مهندسين وفنيين، يسهمون في الصناعة فيها، وهو الأمر الذي ينطبق بصورة مشابهة على الدول العربية الثلاث المشاركة، وتفوق إمارة دبي بستة وستين نقطة على أفضل الدول العربية المشاركة.
العلوم
حصلت شنغهاي في اختبارات مهارة العلوم على 575 نقطة، وفنلندا على 554 نقطة، وهونج كونج على 549 نقطة، وسنغافورة على 542 نقطة، واحتلت المراتب الأربع الأولى، تلتها كل من نيوزيلندا (532)، وكندا (529)، وأيسلندا (528)، وأستراليا (527)، وهولندا (522)، وألمانيا (520)، وسويسرا (517)، والمملكة المتحدة (514)، وسلوفينيا (512)، وبولندا وأيرلندا (508)، وبلجيكا (507)، وغيرها من الدول التي حصلت على معدل نقاط أكثر من متوسط دول المنظمة والبالغ (501).
ومن جديد تظل قرجيستان محتفظة بالمرتبة الأخيرة، بمعدل 330 نقطة، وقبلها بيرو (369)، وقبلها أذربيجان (373 نقطة)، وبنما (376)، وقطر (379)، وإندونيسيا (383)، وألبانيا (391)، أما بقية الدول العربية فحصلت الأردن على 415 نقطة، وتونس على 401 نقطة، وتبقى إمارة دبي متفوقة على الدول العربية الثلاث، بحصولها على 466 نقطة، وبمعدل 35 نقطة أقل من متوسط دول المنظمة.
عباقرة الغد
إن وجود عقول فذة في أحد المجالات الثلاث، يدعو دولتهم إلى الفخر بهم، وهو الحال في كثير من الدول، ويبلغ متوسط نسبة المتفوقين في دول المنظمة في مجال واحد 16,3 في المائة، أما أن يكون الطلاب في قمة التفوق في المجالات الثلاث، فإن متوسط نسبة هؤلاء في دول منظمة التنمية والتعاون يبلغ 4,1 في المائة، أما شنغهاي فنسبة الطلاب الأفذاذ فيها في مختلف المجالات تبلغ 14,6 في المائة، وفي سنغافورة تبلغ نسبتهم 12,3 في المائة، وهؤلاء هم الطلاب الذين تتنافس جامعات العالم فيما بعد للفوز بهم، لأنهم قادرون على الابتكار، ويرفعون من شأن المؤسسة التعليمية التي ينتسبون إليها. ولعل هذه النتيجة تساعد البعض على فهم سبب عدم قبول الجامعات الأوروبية لإلحاق طلاب من دول نتائجها تشير إلى أن مستواهم التعليمي، أقل بسنوات من نظرائهم من الدول المتفوقة علميا، حتى ولو كانوا حاصلين على شهادات ثانوية عامة، بدرجات نهائية، لا تعبر بأي حال عن المستوى الحقيقي لهم، ولا عن قدرتهم على استخدام المعلومات المحشوة في رؤوسهم، في متابعة دراستهم في بيئة تعليمية مختلفة تمامًا.
البنات والبنون
وقبل أن يستنكر أحد تقديم البنات على البنين في هذا العنوان، لابد أن يعلم أن البنات حققن نتائج أفضل في مجال القراءة من البنين، في كل الدول التي شاركت في اختبارات بيزا 2009م، رغم الاعتقاد الذي كان سائدًا في القرن العشرين، بأن الإنجازات الدراسية للبنات، أقل من إنجازات نظرائهم من البنين، وإذا علمنا أن متوسط ما حصل عليه الطلاب من دول المنظمة، أقل مما حصلت عليه البنات، بمعدل 39 نقطة، فإن خبراء التقييم يرون أن هذا الفرق يعادل مستوى سنة دراسية، أي أن مستوى البنات في الصف التاسع، يعادل مستوى البنين في الصف العاشر، في مجال القراءة.
أما في مجال الرياضيات، فمتوسط ما حققه البنون في دول المنظمة يزيد عما حققته البنات بنسبة 12 نقطة، أما في مجال العلوم فليس هناك فرق تقريبا بين مهارات الجنسين، وكذلك كانت نسبة المتفوقين من الجنسين أيضا متطابقة تقريبا، فنسبة البنات في الفئة المتفوقة في جميع المجالات تبلغ 4,4 في المائة، مقابل 3,8 في المائة من البنين، ونسبة المتفوقين في مجال واحد من البنين تبلغ 17 في المائة، مقابل 15,6 في المائة من البنات.
الرفاهية المادية للدولة ليست بالضرورة مرادفا للتفوق التعليمي
صحيح أن الدول التي تتمتع بمستوى مادي مرتفع، قد حققت إجمالاً نتائج أفضل من المستوى التعليمي في بعض الدول الفقيرة، وأن الدول العشر التي لم يحقق غالبية طلابها إلا المستوى الأول في مجال القراءة، هي دول فقيرة، وأن كل دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية البالغ عددها 34 دولة، استطاع غالبية طلابها تحقيق المستوى الثالث في مجال القراءة، إلا أن شنغهاي الصينية، والتي حققت أفضل النتائج على الإطلاق، يبلغ متوسط دخل الفرد فيها، أقل بكثير من متوسط دخل نظيره في دول المنظمة، مما يثبت أن انخفاض الدخل القومي للدولة، ليس عائقًا أمام تحقيق نتائج تعليمية ممتازة، ويسري الأمر ذاته على كوريا التي حققت أفضل نتائج من بين دول المنظمة، والتي يقل متوسط دخل الفرد فيها، عن متوسط الدخل في دول المنظمة.
ويرى القائمون على الدراسة أن هناك علاقة بين ارتفاع الدخل وبين ارتفاع المستوى التعليمي، ولكن هذه العلاقة تؤثر بنسبة 6 في المائة فقط على النتيجة الدراسية للطلاب، أما النسبة الباقية والبالغة 94 في المائة، فإن الدراسة تشير إلى أن دولتين تتمتعان بنفس الرفاهية المادية، يمكن أن تحققا نتائج دراسية مختلفة، كما تلعب عوامل أخرى دورًا هامًا، مثل أن تنفق الدولة مبالغ ضخمة على تعليم كل فرد، أكثر من دولة أخرى تتمتع برفاهية مادية، ولكنها لا تولي التعليم أهمية كبيرة، أو أن يكون الطالب ذا أصول أجنبية، حتى ولو كان يعيش في دولة ذات رفاهية، فقد أظهرت بيزا في عام 2000م أن 23 في المائة من الطلاب في ألمانيا مثلاً لا يتقنون مهارة القراءة، توقع الكثيرون أنهم من أبناء المهاجرين، وانخفضت هذه النسبة في اختبارات عام 2009م إلى 18 في المائة، وهي نسبة مازالت عالية في دولة تتمتع بالرفاهية.
نتائج في سطور
يمكن إيجاز بعض نتائج الدراسة التي أعدها القائمون على اختبارات بيزا 2009م، في النقاط التالية:
• استطاعت الأنظمة التعليمية ذات أفضل النتائج، أن توفر تعليما عالي الجودة لكل طلابها وطالباتها، رغم الاختلافات بينهم في المستوى الاجتماعي، وفي نوعية المدرسة، وكانت نسبة الطلاب الضعاف منخفضة جدًا.
• الطلاب والطالبات من الأسر الفقيرة، كثيرًا ما يلتحقون بمدارس لا توفر لهم المعلمين الأكفاء أو الحاصلين على مؤهلات تربوية جامعية، مما ينعكس سلبًا على مستواهم التعليمي
• استطاع الطلاب من أبناء الأسر ذات الدخل المنخفض في العديد من الدول، التغلب على ذلك العامل الاجتماعي الاقتصادي، وتحقيق نتائج جيدة، كما هو الحال في فنلندا، واليابان، وتركيا، وكندا، والبرتغال، وسنغافورة، وكذلك في كوريا وهونج كونج وشنغهاي.
• الفرق في المستوى التعليمي بين أبناء طبقة الأغنياء والفقراء في إمارة دبي يبلغ 50 نقطة، أي أكثر من سنة دراسية بينهم.
• المدرسة التي تتمتع كمؤسسة تعليمية بمستوى مادي مرتفع، يلتحق بها طلاب، يحققون نتائج أفضل من طلاب المدارس المعروفة بانخفاض مستواها المادي، ولا يلعب المستوى المادي للطالب في حد ذاته عند ذلك أي دور.
• متوسط المستوى التعليمي للطلاب من أبناء المهاجرين، أقل من مستوى نظرائهم بمعدل 52 نقطة.
• طلاب المدارس الواقعة داخل المدن، يحققون نتائج دراسية أفضل من زملائهم الملتحقين في مدارس واقعة داخل القرى.
• الطلاب الذين ينشؤون في أسرة بدون أب أو بدون أم، يحصلون على نتائج دراسية أقل من زملائهم في الأسرة التي يعيشون فيها مع الوالدين، بمعدل 23 درجة في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي أيرلندا وبولندا والمكسيك 13 نقطة، وفي بلجيكا واليابان ولوكسمبورج 10 نقاط، وفي متوسط دول المنظمة خمس نقاط، ومتوسط الدول غير الأعضاء 10 نقاط.
• حماس الوالدين للقراءة يؤثر إيجابًا على مستوى مهارة القراءة لدى الطلاب، وأوضح الطلاب المتفوقين في هذه المهارة، أن والديهم كانوا يقرؤون كتابا معهم في الصف الأول الابتدائي يوميًا أو بصورة شبه يومية، وبلغ الفرق في المستوى بين أطفال الوالدين الحريصين على القراءة، والوالدين اللذين لا يقرؤون مع أطفالهم مطلقًا إلى 63 نقطة في نيوزيلندا مثلاً، وكان الطلاب من أبناء الوالدين اللذين يناقشون مرة في الأسبوع قضايا سياسية أو اجتماعية أفضل في مهارة القراءة، بمعدل 42 نقطة في إيطاليا مثلاً، مقارنة مع الطلاب من أبناء الوالدين اللذين لا يناقشون هذه الموضوعات أبدًا.
• الطلاب الذين يحبون قراءة الروايات والقصص والكتب من مختلف المجالات، يحققون نتائج أفضل من نظرائهم الذين لا يقرؤون إلا الكتب المدرسية الإلزامية.
• الطلاب الذين يستخدمون استراتيجيات تساعدهم عن فهم النص، والاحتفاظ بما فيه من معلومات، عن طريق وضع خط تحت المعلومات الهامة، أو كتابة ملخص، أو مناقشة محتواه مع أشخاص آخرين، يتفوقون على مهارات زملائهم من نفس الفئة العمرية (15 عامًا) بمعدل عامين إلى ثلاثة أعوام دراسية.
• هناك اختلاف بين اهتمامات البنين والبنات في القراءة الاختيارية، فمعلوم أن البنات يقرأن الروايات والقصص، أكثر من البنين، أما بالنسبة للصحف اليومية فإن 65 في المائة من البنين في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية يقرؤون الصحف اليومية، مقابل 59 في المائة من البنات.
عوامل نجاح المدرسة
نظرًا لأن التعلم يتم بصورة رئيسية في المدرسة، فإن واقع المدرسة يؤثر بصورة مباشرة على المستوى التعليمي، وفيما يلي يمكن استعراض بعض نتائج دراسة اختبارات بيزا في هذا المجال:
• الأنظمة التعليمية الناجحة توفر لجميع الطلاب بغض النظر عن مستواهم الاجتماعي والاقتصادي، نفس الإمكانيات للتعلم، على عكس الأنظمة التعليمية التي تحكم على الطالب في مرحلة مبكرة بضعف قدراته، وتضعه في مدارس أقل مستوى من زملائه الذين يلتحقون بمدارس من نوع مختلف، تقوم بتأهيلهم ليلتحقوا بالتعليم الجامعي، لأن هذا الطالب يفقد الحماس للارتقاء بقدراته.
• الأنظمة التي تعتمد على مبدأ الرسوب وإعادة الصفوف الدراسية، تكون نتائجها الإجمالية أسوأ، من الأنظمة التي تتيح إمكانية استيعاب مستويات مختلفة في الصف الواحد.
• الأنظمة التعليمية الناجحة تمنح المدارس المزيد من الاستقلالية في صياغة الخطط التعليمية، وطرق التقييم.
• المستوى التعليمي للطلاب في المدارس الخاصة والحكومية، في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، متساوية، بعد استبعاد الفروق الناجمة عن المستويات الاجتماعية والاقتصادية للوالدين.
• الأنظمة التعليمة الناجحة تضع الأولية لمنح المعلمين رواتب أعلى، على تخفيض عدد الطلاب في الصف، وأثبتت الاختبارات أن حصول المعلمين على رواتب أعلى، يرتبط بصورة وثيقة مع تحقيق نتائج طلابية أفضل.
• الطلاب الذين التحقوا بتعليم تمهيدي قبل المرحلة الابتدائية، يحققون نتائج أفضل في التعليم المدرسي
• المدارس التي تتسم بالنظام، وبحسن سلوك المعلمين، وبالعلاقة الطيبة بين المعلمين والطلاب، يحقق طلابها نتائج أفضل.
تركيا نموذجًا
شهدت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لتركيا بأنها استطاعت أن تحقق إنجازات تعليمية تستحق الإشادة، فقد تمكنت في الفترة من 2000 إلى 2009م، من تحسين مستوى طلابها في مهارة العلوم بمعدل 30 نقطة، أي ما يعادل مستوى نصف سنة دراسية، وانخفضت نسبة الطلاب الذين يقل مستواهم في مهارة العلوم من 47 في المائة، إلى 30 في المائة.
وفي الرياضيات استطاعت تركيا خفض نسبة طلابها الذين لم يحققوا المستوى الثاني، من 52 في المائة، إلى 42 في المائة.
لماذا تشارك الدول في هذه الاختبارات المكلفة
أعلنت سويسرا أن إجراء هذه الاختبارات كلفها مبلغا إجماليا يعادل 3,5 مليون فرنك سويسري، وهو مبلغ ضخم للغاية، فلماذا تشارك الدول في هذه الاختبارات؟
الدولة التي تدخل في هذه الاختبارات لقياس الوضع الحقيقي للمستوى التعليمي لطلابها، من أجل معرفة نقاط القوة والضعف، ومن ثم القيام بالإجراءات اللازمة لتصحيح الأوضاع، فإنها بالتأكيد ستصل إلى دراسة دقيقة لكل ذلك.
أما إذا كان المسؤولون عن التعليم يرغبون فقط في الحصول على عناوين في الصحف، تشيد بالسياسات التعليمية المتبعة، ويريدون تدعيم مكانتهم داخل الحكومة، فإنهم ليسوا بحاجة إلى هذه الدراسة المكلفة، بدلاً من لوي عنق النتائج للحصول على هذه العناوين، وهذا ما نراه للأسف في بعض الدول التي نشرت نتائج اختبارات بيزا، بصورة مثيرة للاستغراب، مثل أن تقول عناوين صحفها إنها تفوقت على سبع دول، دون أن تذكر أن أكثر من خمسين دولة تفوقت عليها، أو أن تشير إلى تحسن مستوى طلابها مقارنة مع الاختبارات السابقة في عام 2006م، دون أن تشير إلى أنها مازالت في ذيل القائمة، بل إن وزارة التعليم في إحدى هذه الدول قالت إن نتائج الاختبارات لا تعبر بصدق عن مستويات طلابها، رغم حرصها على المشاركة في هذه الاختبارات منذ عام 2003م.
والسؤال المنطقي هنا: هل الأفضل أن تعتم الدولة على المستوى الحقيقي لطلابها، حتى لا تفقد ماء وجهها بين الدول، وما يحمله ذلك من مخاطر على مستقبل الدولة بأكملها، حين يتخرج جيش من العاطلين عن العمل لضعف مستواهم، وعدم قدرتهم على ربط ما تعلموه بالمهارات التي يحتاجونها في حياتهم اليومية؟ أم الأفضل أن تكتشف مثلاً أن 60 في المائة من طلابها البالغ عمرهم 15 عامًا، أي في الصف التاسع أو العاشر، غير قادرين على قراءة النصوص بصورة تسمح لهم بفهمها، وما يعنيه ذلك من دق ناقوس الخطر بشدة، للتحرك بسرعة لوضع خطط لن تؤتي ثمارها إلا بعد مرور عدة سنوات، كما فعلت تركيا.
م
الأربعاء مايو 30, 2018 8:53 pm من طرف Nanondouch
» إختبار الثلاثي الثالث مادة العلوم الطبيعية
الأربعاء مايو 16, 2018 9:05 pm من طرف حاج
» دلیل بناء اختبار مادة علوم الطبیعة والحیاة في امتحان شھادة البكالوریا – أكتوبر 2017
الخميس نوفمبر 30, 2017 11:58 pm من طرف زغينة الهادي
» ملفات مفتوحة المصدر لجميع مصممين الدعاية والاعلان
السبت نوفمبر 25, 2017 1:04 am من طرف زغينة الهادي
» مادة الرياضيات السنة الاولى ثانوي
الخميس نوفمبر 16, 2017 12:12 am من طرف اسماعيل بوغنامة
» برنامج لصنع توقيت مؤسسة تربوية
الخميس سبتمبر 28, 2017 11:12 pm من طرف زغينة الهادي
» كل ما يخص الثانية متوسط من مذكرات ووثائق للأساتذة
الثلاثاء سبتمبر 26, 2017 11:03 am من طرف linda.hammouche
» المنهاج والوثيقة المرافقة له للجيل الثاني في كل المواد لمرحلة التعليم المتوسط
الثلاثاء سبتمبر 26, 2017 10:56 am من طرف linda.hammouche
» دليل استخدام كتاب الرياضيات الجيل الثاني سنة4
الجمعة سبتمبر 22, 2017 1:26 pm من طرف زغينة الهادي