تعريفالعمرة:
العمرةُ التي نحن في صددها ، فمعناها في اللغة الزيارةُ أو القصدُ ، قال تعالى :
إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ ... ( التوبة- الجزء العاشر )
إنما يقصد مساجد الله ، و أما معناها في الشرع فهي زيارة بيت الله الحرام على وجه مخصوص .
أفعالُالعمرة:
وأفعال العمرة ؛ إحرامٌ وطواف و سعيٌ و حلقٌ أو تقصير ، والعمرة ُتعتبر الحجَّ الأصغر ، أي هناك حجٌّ أصغر هو العمرة ، وهناك الحجُّ الأكبر هو الحجُّ ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ
[رواه الترمذي]
لأنه لا بدَّ للعمرة من نفقات ، و داوني بالتي كانت هي الداء ، و ما شكا إليه أحدٌ ضيقَ ذات اليد إلا قال له : اذهبْ فتزوَّج ، وهو لا يتمكَّن من الإنفاق على نفسه وحده ، فتأتيه النصيحةُ النبوية الشريفة : اذهب فتزوَّجْ و العمرة كما قال عليه الصلاة و السلام و الحج ينفيان الفقر و الذنوب معًا ، كما ينفي الكِيرُ خبث الحديد ، و ليس للحجة المبرورة ثوابٌ إلا الجنة ، أي الصغير أو الكبير ، الحجُّ الأصغر هو العمرة ، والأكبر وهو الحجُّ .
حكمُالعمرة:
سنةٌ مؤكَّدة في العمر مرةً واحدة ، وعلى موضوع السنَّة ، إن شاء اللهُ هناك موضوع قصير ولطيفٌ ، في تعريف الفرض والواجب و السنة المؤكدة ، والسنة غير المؤكدة ، والمباح ، والمكروه تنزيها ، و المكروه تحريما ، ثم الحرام ، هذه أحكامٌ دقيقة جدًّا يجب أن نُلِمَّ بها فحكمُ العمرة سُنَّة مؤكَّدة في العمر مرة واحدة ، لمن استطاع إليها سبيلاً ، هذا في مذهب الأحناف ، و عند بعض علماء الحنفية هي واجبة كصدقة الفطر و الأضحية ، وصلاة الوتر ، والأضحية تتراوح بين المذاهب بين أن تكون واجبا ، وبين أن تكون سنة مؤكدة ، بين أن تكون سنة ، وبين أن تكون سنة مؤكدة .
وقتالعمرة:
أمَّا وقتُ العمرة فجميع أيام السَّنة ، إلا أنها تُكرَه تحريما في خمسة أيام ، في يوم عرفة و في الأيام الأربعة بعدها ، و يُزاد على هذه الكراهية فعلُها في أشهر الحج ، هناك سؤال ؛ فما بالُ القارن يعتمر و المتمتِّع يعتمر ؟ أن تأتيَ بعمرة فقط من دون الحج في أشهر الحج ، لذلك لا تمنح الجهاتُ المسؤولةُ عن الديار المقدسة تأشيرات الدخول للعمرة في أشهر الحج لأنه يُكره أن تُؤتى العمرةُ في يوم عرفة ، وفي الأيام الأربعة من بعده ، و تُكره أن تُؤتى في أشهر الحج ، و أشهر الحج كما تعلمون شوال و ذو القعدة وذو الحجة ، و عند الشافعية لا يُكره فعلُها في وقتٍ من الأوقات من جميع أيام السَّنة ، هذا عند الشافعية ، لكنْ يقولون : إن العمرةَ في يوم عرفة ، وفي يوم العيد ، وأيام التشريق ليس فضلُها كفضلها في أيام أخرى ، أي أقلُّ ثوابًا في هذه الأيام ، لأن الناس جميعا في عرفات ، و الناس جميعا في منى ،و هم جميعا في مناسك الحج ، و تأتي وحدَك أيها المسلم لتعتمر ، فهذا خروجٌ عن إجماع المسلمين .
ويُندب فعلُ العمرة في رمضان ، لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً
[رواه الترمذي عَنْ أُمِّ مَعْقِلٍ]
وفي رواية أخرى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَجَّتِهِ قَالَ لِأُمِّ سِنَانٍ الْأَنْصَارِيَّةِ مَا مَنَعَكِ مِنْ الْحَجِّ قَالَتْ أَبُو فُلَانٍ تَعْنِي زَوْجَهَا كَانَ لَهُ نَاضِحَانِ ؛ حَجَّ عَلَى أَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ يَسْقِي أَرْضًا لَنَا ، قَالَ فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أَوْ حَجَّةً مَعِي
[رواه البخاري]
أي مع رسول الله صلى اللهُ عليه و سلم .
شروط التكليف بالعمرة هي شروط التكليف بالحج نفسها ، لا تنقص و لا تزيد ، و شرطُها الوحيد - و كما تعلمون الشرط هو الفرض الذي يسبق الأركان - طهارة الثوب ، والبدن ، والمكان ، واستقبال القبلة ، ودخول الوقت ، هذه من شروط الصلاة فيجب أن تستمر مع الصلاة ، أما الركن فينقضي ، تقوم وتركع وتسجد ، فالقيام والركوع والسجود من أركان الصلاة ، والركن ينقضي ، لكنَّ الشرط لا ينقضي ، فمن شروط العمرة الإحرام ، و الإحرام بالعمرة كالإحرام بالحج تماما ، فإحرام العمرة هو إحرام الحج نفسه .
أما ركن العمرة فمعظمُ الطواف حول البيت ، أي أربعة أشواطٍ ، وأما واجبات طواف العمرة فهي نفسُها واجبات طواف الحج ، كالهرولة والاضطباع ، وما شاكل ذلك ، سبعة أشواط ، لكن الاتِّصالَ بالمرأة قبل الطواف مفسِد للعمرة ، ويجب عليه عمرةٌ أخرى وذبحُ شاةٍ ، أي إذا لم ينتبه الشخصُ و كان في زيارة أقربائه وأحرم بالعمرة ، وبعدئذٍ أحجم عن العمرة ، وبقي في البيت ، وحصل بينهما اتِّصالٌ زوجي فعليه ذبح شاة ، وأن يقضيَ هذه العمرة بدلاً عنها .
واجباتالعمرة:
وأما واجباتُ العمرة فالإحرامُ من الميقاتِ لمَن كان خارجَ المواقيت ، و الميقاتُ المكان، والذي هو خارج المواقيت يُسمَّى الآفاقي ، ومن الحِلِّ ، الحِلُّ الحرم المكِّي له حدود تزيد عنه عشرات الكيلومترات ، هذه الحدود محدَّدة من جميع الطرق المؤدِّية إلى الحرم ، فمن طريق المدينة المنوَّرة هناك التنعيم أو مسجد السيدة عائشة ، فمن كان آفاقيّا فميقاتُ العمرة هو ميقاتُ الحج ، أهلُ الشام لهم ميقاتٌ و أهلُ نجدٍ لهم ميقاتٌ ، و العراقيون لهم ميقاتٌ ، و اليمنيُّون لهم ميقاتٌ ، و هكذا ، و من كان بيتُه بعد الميقات فميقاتُ العمرة بالنسبة إليه هو الحّلُّ ، أي حدود الحرم ، وليس حدود مكة .
و من واجبات العمرة ، الإحرام من الميقات لمن كان خارج المواقيت ، و من الحِلِّ ، و يُفضَّل التنعيم لمن كان في داخلها ، و السعيُ لها بين الصفا و المروة ، السعيُ للعمرة بين الصفا والمروة كسعيِ الصفا و المروة في الحج تمامًا ، والحلقُ أو التقصيرُ ، والحلقُ أفضلُ للرجل ، و يتعيَّن التقصيرُ على المرأة كما مرَّ بنا من قبل .
سننالعمرة:أما سنن العمرة فالإكثارُ من التلبية ، و الاضطباعُ في الطواف ، و الَّرمَلُ فيه ، والهرولة بين الميلين الأخضرين للرجل .
وأمَّا طريقةُ أدائها فهو أن يُحرِم لها من كان خارج المواقيت الآفاقية من المواقيت ، و أما بالنسبة لمن وُجِد بمكة فميقاته للإحرام بها منطقة الحلِّ ، و ذلك ليتحقَّق نوعٌ من السفر ، يركب الآن الحاجُّ في سيارة عامَّةٍ من باب الحرم تنقله إلى مسجد التنعيم ، و هناك يحرم بالعمرة، و يعود إلى الحرم فيطوف ، ويسعى ، ويصلِّي ركعتين ، و يحلق أو يقصِّر ، ثم يتحلَّل ، وأفضل أمكنة الحلِّ للإحرام بها التنعيم ثم الجِعْرانة .
وأحكام الإحرام بالعمرة كأحكام الإحرام بالحج ، وكذا فرائضُها ، وواجباتها ، وسننها ، ومحرَّماتها ، ومفسداتها ، ومكروهاتها ، وبحثُ الإحرام هو نفسُه بكلِّ دقائقه وتفصيلاته ينطبق على العمرة ، لكنْ أحكامُ العمرة تختلف عن أحكام الحج في بعض الأمور منها :
أنها ليست بفرض ، والحجُّ فرضٌ ، قال تعالى:
" وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ... " ( آل عمران- الجزء الرابع )
فمن أنكر الحجَّ فقد كفر ، أما العمرةُ فتختلف عن الحج في أمور ؛ منها أنها ليست بفرض ، وليس لها وقتٌ معيَّنٌ ، وليس لها وقوف في عرفات ، و لا بمزدلفة ، و ليس فيها رميُ الجمارِ ، و ليس فيها جمعُ الصلوات ، و ليس فيها خطبة و لا طواف قدوم ، ولا طواف وداع ، و لا تجب البدنةُ بإفسادها بالجماع قبل الطواف لها ، أو بطوافها جنُبًا ، بل تجب شاةٌ .
وميقاتها للمكِّي وغيره الحلُّ بخلاف الحج ، ميقاتُ الحج للمكِّي بيتُه أو المسجد الحرام، لكن ميقاتُ العمرة للمكِّيِّ ولمن هو بعد المواقيت من التنعيم ، من منطقة الحلِّ ، والمعتمر يقطع التلبيةَ عند الشروع بطواف العمرة ، لبيك اللهم لبيك منذ أنْ تُحرِم من الميقات ، أو من التنعيم إلى أن تدخل البيتَ الحرامَ ، وتشرع في الطواف ، وعندها تقطع التلبيةَ ، و لكنْ في الحج متى نقطع التلبية ؟ عند أول جمرةٍ نلقيها بعد الوقوف بمزدلفة ، رميُ جمرة العقبة في يوم العيد ، عندها تُقطَع التلبيةُ ، ويحلُّ محلّها التكبيرُ .
وهكذا من أراد أن يعتمر عليه أن يتنظَّف و يتطهَّر بأن يغتسل إن تيسَّر و إن لم يتيسَّر يتوضَّأ ، و يلبس الرجُلُ إزارًا و رداءًا ، و يصلِّي ركعتين ثم يقول بعدهما : اللهم إني أريد العمرةَ فيسِّرْها لي و تقبَّلها مني .
هنا سؤال يطرح نفسه ؛ لو أن مسلمًا ذهب إلى الحج مُفرِدًا ، فليس عليه عمرة ، لأن القارنِ عليه عمرة وحجّ متَّصلان ، وعلى المتمتِّعُ عمرة وحجُّ منفصلان ، وعلى المُفرِد حجٌّ فقط ، لكنْ يُستحبُّ أن يأتيَ بالعمرة بعد أيام الحجِّ ، أي بعد اليوم الرابع من أيام العيد ، على المذهب الشافعي ، أو بعد اليوم الثالث من أيام العيد ، على المذهب الحنفي، فله أن يأتيَ بعمرة بعد الحج.
فإذا دخل مكةَ طاف بالكعبة سبعًا ، ويّسنُّ الرَّمَل في الأشواط الثلاثة الأولى ، والاضطباعُ للرجُل ، ويصلِّي ركعتين ، ويسعى بعدهما بين الصفا و المروة سبعًا ، ويهروِل بين الميلين الأخضرين ، ثم يحلق أو يقصِّر ، والقصرُ أفضلُ ، وبهذا تتِمُّ عمرتُه ، وتفعل المرأةُ ذلك إلا أنها تبقى بثيابها وحجابها ، وتكتفي بالتقصير من دون الحلق ، ولا ترمَل ، ولاتضطبع ، ولا تهروِل في السعيِ ، ولا ترفع صوتَها بالتلبية ، قال تعالى :
" وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ... " ( البقرة- الجزء الثاني )
إذاً العمرةُ واجبةٌ .
هذا ما يتعلَّق بالعمرة ، و بهذا تنتهي أحكام العمرة بشكلٍ موجزٍ . ( لفضيلة الأستاذ محمد راتب النابلسي )
لاتنسونا من خالص الدعاء ..
تحياتي
الأربعاء مايو 30, 2018 8:53 pm من طرف Nanondouch
» إختبار الثلاثي الثالث مادة العلوم الطبيعية
الأربعاء مايو 16, 2018 9:05 pm من طرف حاج
» دلیل بناء اختبار مادة علوم الطبیعة والحیاة في امتحان شھادة البكالوریا – أكتوبر 2017
الخميس نوفمبر 30, 2017 11:58 pm من طرف زغينة الهادي
» ملفات مفتوحة المصدر لجميع مصممين الدعاية والاعلان
السبت نوفمبر 25, 2017 1:04 am من طرف زغينة الهادي
» مادة الرياضيات السنة الاولى ثانوي
الخميس نوفمبر 16, 2017 12:12 am من طرف اسماعيل بوغنامة
» برنامج لصنع توقيت مؤسسة تربوية
الخميس سبتمبر 28, 2017 11:12 pm من طرف زغينة الهادي
» كل ما يخص الثانية متوسط من مذكرات ووثائق للأساتذة
الثلاثاء سبتمبر 26, 2017 11:03 am من طرف linda.hammouche
» المنهاج والوثيقة المرافقة له للجيل الثاني في كل المواد لمرحلة التعليم المتوسط
الثلاثاء سبتمبر 26, 2017 10:56 am من طرف linda.hammouche
» دليل استخدام كتاب الرياضيات الجيل الثاني سنة4
الجمعة سبتمبر 22, 2017 1:26 pm من طرف زغينة الهادي