مقالة فلسفية (العقل )
العقل
منالدلالات الى الإشكالية :
يعتبر العقل في نظر العامة من الناس بمثابة ملكة تميز الانسان عن باقي الكائناتالأخرى على مستوى السلوك و التفكير وعلى هذا الاساس يتم التمييز بين الإنسان العاقلو الفاقد للعقل أو مختله أو ناقصه . إن الإنسان العاقل قد يفقد عقله أو صوابه حينمايخضع للغرائز أو يلجأ الى ممارسة العنف أو ينخرط في الخرافة و السحر و الشعودة .إنهذا التداخل بين العقل و اللاعقل في الدلالة المتداولة يجعل طرح السؤال ما هو العقلو الجواب عليه أمرا ضروريا خصوصا و أن الفلسفة تقدم نفسها كتفكير عقلاني و مؤسسللعقل في نفس الوقت .
يعرف لالاند العقل باعتباره ملكة للمعرفة تميز الانسان عنالحيوان و المعرفة خاصة بكل فرض ، كما ان العقل في نظره يمكن أن يكون موصل للمعرفةو من تم يمكن القول أنه داتي و موضوعي متعدد الأشكال كليا كونيا و ضروريا في مقابلالخيال و الوهم نسبيا و محدودا في مقابل المعرفة الآلاهية المطلقة .
و يمكنالتعبير عن مختلف الإشكاليات التي ترتبط بمفهوم العقل من خلال التساؤلات التالية :
هل يعتبر العقل فطريا طبيعيا أم ثقافي مكتسب ؟ هل العقل وحده كاف لإنتاجالمعرفة و بلوغ المعرفة أم أن عملية المعرفة تقتضي تدخل كل من التجربة و الحواس؟ منأين يستمد العقل المبادئ التي يؤسس عليها المعرفة و هل العقل حرية و انفتاح أم أنهقيد و انغلاق ؟ و أخيرا ما هي الحدودالفاصلة بين العقل و اللاعقل ؟ ألا يمكن اعتبارهذه الحدود من صنع العقل نفسه.
. العقـل طبيعتـه و وظـائفـه:
لقد تأسس العقل في الفلسفة اليونانية باعتباره عقـلا كليا كـونيا هو أسـاسالنظـام و الانسجام في هذا العالم، يقابله عقل إنساني ناقص لكنه يسعى إلى تجاوز هذاالنقص عن طريق التأمل و التحرر من الجسد و غرائزه و أهوائه، و لقد تأسس العقل عنطريق التأمل بعد أن انتقـل الفكـر اليـوناني من الاعتمـاد علـى مـا هو شفـوي [ الميتوس ] إلـى مـا هو مكتـوب [ اللوغوس ] لأن الأدب المكتوب عموما يخضع لمجموعة منالقواعد التي تجعله أكثـر تنظيما و دقة من الحكـاية الشفوية إضـافة إلـى الدقة فـيالاستدلال و تقـديم الحجـج و البراهين.
و هذه النظرة الكلية و الموضوعية للعقل سيتم تجاوزها مع تأسيس الفلسفة الحديثةمع ديكارت و سيصبح العقل ذا مفهوم ذاتي ضيق العقل ملكة بها يفكر الناس و يحكمون، أنتكون عاقلا معناه أن تعرف كيف تستخدم ذكاءك هكذا سيصبح العقل أداة لمعرفة مختلفالظواهر الكونية و تسخيرها لصالح الإنسان لكن ما طبيعة هذه الملكة، هل هي طبيعةفطرية أم ثقافية مكتسبة، و هل العقل وحده الأداة التي تمكننا من إنتاج المعرفة، أمأن المعرفة عملية مركبة أم لكل من العقل و الحواس دور في إنتاجها ؟
هناك تصوران بخصوص طبيعة العقل؛ الأول نجده عند ديكارت، و الثاني نجده لدىالفلاسفة التجريبيين [ دافيد هيوم، جان لوك ].
الموقف الأول يركز على اعتبار العقل ذو طبيعة فطرية، فكل الناس يولدون و هممزودون بهذه الملكة و لهذا يعتبر ديكارت أن العقل هو أعدل قيمة بين الناس جميعا، وإنهم يتساوون فيه بالفطرة و لكن يختلفون في طريقة استخدامه. لكن ما ينبغي أن نفهمهمن فطرية العقل هو أن ديكارت يعتبر هذه الملكة تتضمن مبادئ فطرية هي أساس قدرتناعلى ممارسة مختلف العمليات الذهنية أو العقلية بسيطة كانت أم معقدة، و هذه المبادئهي: مبدأ الهوية – عدم التناقض – الثالث المرفوع – السببية و الحتمية.
إن ديكارت يعتبر أن الوظيفة الأساسية للعقل هي إنتاج المعرفة من خلال ممارسةالتأمل العقلي بل أكثر من ذلك بل يعتبره المصدر الوحيد للمعرفة الحقة أما الحواسفلا دور لها في عملية المعرفة لأنها خداعة، ضد هذا التصور العقلاني الذي يجعلالمعرفة من إنتاج العقل
الاستدلال : عملية عقلية يتم من خلالها الانتقال من ما هو معلوم إلى ما هومجهول
الوجود : Ontos
العرض : ج. أعراض و هي الخصائص المتغيرة
الماهية أو الجوهر : الخصائص الثابتة للأشياء و للإنسان
وحده، نجد التصور الثاني الذي يمثله الفلاسفة التجريبيون الذين يعتبرون ألا وجودلشيء اسمه العقل بمعزل عن الحواس أو التجربة الحسية، فكل معارفنا تبتدئ بالحواس،بما في ذلك ما اعتبره ديكارت مبادئ فطرية و على هذا الأساس يصبح العقل متغيرا منشخص لآخر على اعتبار أن تجاربه تختلف الشيء الذي ينتج عنه إمكانية تغير العقل منمجتمع لآخر و من مرحلة تاريخية أخرى، إلا أن هناك موقفا ثالثا يمثله إيمانويل كانطو الذي حاول التوفيق بين التصورين العقلاني و التجريبي.
يعتبر كانط أن هناك مفهومين سابقين على كل تجربة و هما الزمان و المكان، فيالزمان ندرك تآني الظواهر أو تتاليها أو تعاقبها. أما في المكان فندرك مختلفالمعطيات الحسية كالشكل و الهيأة و الألوان و الأحجام إلا أن هذه المعطيات الحسيةتبقى مجرد مدركات حسية ذات طابع مشتت و مفكك كما لو كانت لا رابط بينها و لا يمكنأن تتحول إلى معرفة إلا من خلال المفاهيم العقلية التي نعطيها هيأة و صورة.
إن كانط يتفق مع التجريبيين في كون كل معارفنا تبتدئ بالحواس و لكنها تنتهي عندالمفاهيم العقلية الشيء الذي يعطـي لموقفه طـابعا توفيقيا لكـن ما حدود العقـلبالنسبة لكـانط أو بمعنى آخر ما هو المجال الذي يمكن للعقل أن ينتج فيه معرفةحقيقية ؟
يميز كانط بين نوعين من العقل، العقل العملي و العقل النظري، إن النوع الأوليمكن أن ينتج معرفة يقينية لأنه يستند إلى التجربة بمفهومها الواسع حسية و عملية وأخلاقية، فهي تسكح بإعادة النظر أو تعديل أو مراجعة ما تم اكتسابه من معارف، أماالعقل النظري أو العقل الخالص (هو العقل المنقطع عن التجربة) فله موضوعات من نوعخاص هي القضايا الميتافيزيقية، إذا عدنا إلى تاريخ الفلسفة و حاولنا البحث فيالمعارف التي تم إنتاجها في مجال هذه القضايا، فسنجد أن العقل النظري أنتج حقائقمتناقضة بشأنها، و لهذا اعتبر كانط أن العقل حينما لا يسند إلى التجربة يصبح عقلاجداليا سجاليا، و لهذا فإن المجال الوحيد الذي يمكن للعقل أن يقدم فيه معرفة يقينيةهو ذلك المجال المرتبط بمجال التجربة العملية.
.العقـل أو اللاعقـل:
حينما تعرف الإنسان بأنه كائن عاقل فهذا التعريف يبقى عاما و مجردا و هو ينطبقعلى الإنسان كنوع من أنواع الكائنات ااحية فنميزه عنها بهذه الصفة لكن التجربةاليومية تبين أن أفعال الناس و سلوكاتهم يتقاسمها العقل و اللاعقل و لهذا المعنىقال إريك فايل: [ إن كان
الميتافيزيقا : ما وراء الطبيعة و هي البحث في العلل و الأسباب الأولىللوجوديات
السجال : الحوار العقيم الذي لا يفضي إلى نتيجة
الجدال : الحوار مع التشبت بنفس الرأي
الإنسان عاقلا فالناس ليسوا عقلاء ]، فالعقل و اللاعقل يتقاسمان أفعال الناس وعلاقاتهم فيما بينهم. و لقد حاول فريدريك نيتشه أن يبين أن العقل ليس سوى قوةنوظفها لحفظ الحياة و من ثم فإن المعرفة ينتجها العقل تشكل جزءا من الحياة ذاتهاغير أنه نشأ وهم بأن العقل معارض للحياة و أنه منتج للمعرفة و الحقيقة و القيمالأخلاقية المعارضة للأهواء و الغرائز في حين أن العقل لا ينتج حقائق بقدر ما سنتجأوهاما و أخطاءا ثبت نفعها في معركة الصراع من أجل البقاء.
إن الوهم ناتج عن مصدرين أساسيين هما الاعتقاد بإمكانية إنتاج الحقيقة من خلالالاعتماد على اللغة ثانيهما الرغبة في العيش في أمن و سلام و لهذا فالإنسان لا يوظفعقله من أجل قول الحقيقة و كشفها بل إنه يعمل على إخفائها رغبة في تفادي الصراع معالآخرين.
و في نفس السياق حاولت مدرسة التحليل النفسي مع سيغموند فرويد أن تبين أن العقلليس سوى جزء منفصل عن اللاعقل (منطقة اللاشعور) حيث تجري مختلف العمليات اللاشعوريةالتي تكشف عن نفسها في صور و أشكال تبدو لاعقلية كالأحلام و الهذيانات، و لكنالتحليل النفسي يظل وحيا للعقل من خلال محاولته كشف المعقولية وراء لامعقوليةالأحلام.
إن المختل عقليا حسب تصور فرويد ليس ذاك الإنسان الغير عاقل بل إنه شخص فقد مبدأمراعاة الواقع كمبدأ السببية و التمييز بين الممكن و المستحيل و المناسب و الغيرمناسب. إن الأهواء و الرغبات لا تقصي العقل بل إنها توظفه بشكل مفرط في الدقة والذكاء و هذا ما تدل عليه مختلف الإبداعات الفنية سواء في مجال الشعر أو الرواياتالأدبية.
إن العقل يوظف الخيال في إعادة رسم خريطة الواقع و إعادة شكيله في صور تفسحالمجال أمام تجريب الممكن، فالروايات الأدبية توظف الخيال بصورة مفرطة في الذكاء،فالعقل يمتـزج بالعاطفة و الوجدان فينتـج روائـع أدبية إبداعية لا تقـل قيمة عنإبـداعات العقـل المنطقي و لكن العقل قد يساء استخدامه حينما يتم تحويله إلى قوةقمعية.
العقـل المنغلـق و العقـل المتفتـح:
لقد اعتبرت الفلسفة الكلاسيكية أن العقل قادر على إنتاج المعرفة انطلاقا ممايتضمنه من مبادئ فطرية اعتبرت خالدة و متأصلة فيه.
الصدفة : بمفهومها العلمي اجتماع مجموعتين من الأسباب مستقلتين عن بعضهما فيفترة واحدة
النسبية : هي النظرية الفيزيائية التي أقامها انشتاين و تعتبر أن جميع الحقائقتكتسي صحتها انطلاقا من المعطيات التي اعتمدتها، و كل تغير فيها يؤدي إلى تغير تلكالحقائق
مبدأ الهوية – عدم التناقض – الثالث المرفوع – السببية – الحتمية ]
و على هذا الأساس ظل العقل يشتغل و ينتج معرفة و يعمل وفقا لذلك على تجريدالواقع من حركته و صيرورته و تناقضاته و ينفي كل الفوارق بين الأشياء و الذوات ويدخلها في شبكة من العلاقات تخفي تفردها و اختلافاتها واثقا من ثبات القوانينالطبيعية و حتميتها إلا أن تقدم العلوم الحديثة و تعرضها لأزمات داخلية خلال القرن19أدياإلى ظهور عقلانية جديدة مغايرة « للعقلية » للعقلانية الكلاسيكية، فبدل أن يتم تصورالعقل بنية قبلية قائمة بذاتها و سابقة على كل معرفة أصبح ينظر إليه كأداة لإنتاجالمعرفة لكنها تنمو و تتطور من خلال عملية إنتاج المعرفة ذاتها.
و هكذا أصبح العقل ينفتح على موضوعات جديدة و يوسع تصوراته و مبادئه لاستيعابوقائع جديدة لم يكن يشتغل عليها من قبل مثل النقائض الرياضية و اللاحتميةالفيزيائية و الصدفة و الاحتمالات و قد استخلص كاستون باشلار نتائج هذه التطوراتبالنسبة للعقل حين قال [ ينبغي إعادة العقل إلى الأزمة و إثبات أن وظيفة العقل هيإثارة الأزمات ] ذلك أن العقل يعيد النظر في تصوراته و مفاهيمه و مناهجه حينما تحدثأزمة معرفية فيحاول تجاوزها من خلال إيجاد حلول جديدة و هذا ما وقع في الفيزياءالحديثة حينما انتقلت الفيزياء من دراسة الظواهر الماكروسكوبية (الكبرى) إلىالظواهر الميكروسكوبية كالذرة و مكوناتها، لقد أصبح لزاما على الفيزياء الحديثة أنتعيد النظر في خطوات المنهج التجريبي، فبدل الملاحظة المباشرة سيتم اللجوء إلىالملاحظة الغير مباشرة.
كما أن ظهور نظرية النسبية مع إنشطاين سيؤدي إلى إعادة النظر في مفهومي الزمان والمكان و سيتم دمجهما في بعد واحد: الزمكان، كما أن التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها أوربا و خاصة الأزمتين الاقتصاديتين و الحربين العالميتينسيؤديان إلى إعادة النظر في دور العقل و ستظهر نزعات لاعقلانية في مختلف مناحيالحياة الثقافية و خاصة في مجال الأدب و الشعر و المسرح.
و حينما يوظف في السيطرة على الإنسـان من خـلال تبرير عـلاقات الاستغـلالالقائمة و بصفة عامة حينما يتحول من تقنية للسيطرة على الطبيعة إلى تقنية للسيطرةعلى الإنسان و بهذا يفقد العقل وجهه الإنساني و لهذا يتخذ كانط موقفا نقديا تجاههذا الوجه السلبي لاستخدام العقل، فالعقل في نظره يمثل رمزا لحرية الإنسان ومسؤوليته و من ثمة فهو يتنافى مع الوصاية و التبعية، و لتجاوز ذلك يدعو كانط جميعالناس إلى استخدام عقولهم على قدم المساواة، فطالما انفردت فئة من الناس باستخدامالعقل نيابة عن الآخرين فإن ذلك يولد الوصاية و التبعية التـي تعنـي الخضوع لمشيئةالغيـر في حين أن العقـل في بعده الإنساني استقـلال و مسؤولية و كرامة.
إن ثنائية العقل و اللاعقل في الإنسان هي ثنائية يقيمها العقل ذاته ليميز بين ماهو منحط و ما هو سام في الإنسان و هذا ما جعل الكثير من ردود الأفعال تبرز في شكلاتجاهات فكرية كالنزاعات الرومانسية و السريالية و الوجودية، فوحدة الإنسان تجعلمنه كائنا تتظافر مختلف جهوده من أجل الحفاظ على هذه الوحدة و يتدخل العقل ليلعبدور المنظم لهذه القوى حتى يتحول ذلك إلى انسجام فيما بين كل مكونات الإنسان
الأربعاء مايو 30, 2018 8:53 pm من طرف Nanondouch
» إختبار الثلاثي الثالث مادة العلوم الطبيعية
الأربعاء مايو 16, 2018 9:05 pm من طرف حاج
» دلیل بناء اختبار مادة علوم الطبیعة والحیاة في امتحان شھادة البكالوریا – أكتوبر 2017
الخميس نوفمبر 30, 2017 11:58 pm من طرف زغينة الهادي
» ملفات مفتوحة المصدر لجميع مصممين الدعاية والاعلان
السبت نوفمبر 25, 2017 1:04 am من طرف زغينة الهادي
» مادة الرياضيات السنة الاولى ثانوي
الخميس نوفمبر 16, 2017 12:12 am من طرف اسماعيل بوغنامة
» برنامج لصنع توقيت مؤسسة تربوية
الخميس سبتمبر 28, 2017 11:12 pm من طرف زغينة الهادي
» كل ما يخص الثانية متوسط من مذكرات ووثائق للأساتذة
الثلاثاء سبتمبر 26, 2017 11:03 am من طرف linda.hammouche
» المنهاج والوثيقة المرافقة له للجيل الثاني في كل المواد لمرحلة التعليم المتوسط
الثلاثاء سبتمبر 26, 2017 10:56 am من طرف linda.hammouche
» دليل استخدام كتاب الرياضيات الجيل الثاني سنة4
الجمعة سبتمبر 22, 2017 1:26 pm من طرف زغينة الهادي