لقد طبق أرسطو طريقة المقارنة في مجتمعات معاصرة له، فتبين له وجود ظاهرات مشتركة في مجتماعت كآسيا، وظواهر أخرى مشتركة خاصة بمجتمعات مناطق البرودة في أوربا، فبعض الظاهرات كما رأى أرسطو كانت سليمة وتساعد على التقدم، والبعض الآخر لا يعكس ذلك، غير أن استخدام أرسطو لطريقة المقارنة كان ذا صيغة كيفية ليست إحصائية.
أما ابن خلدون قارن بين ألوان البشر في المناطق الحارة وبين ألوان أقرانهم في المناطق المعتدلة والباردة، كما أجرى مقارنات بين ظاهرات العمل في المجتمع وملكية الشيء والانتفاع به من جهة وظاهرة استعمال النقود من جهة أخرى، ورأى أن ظاهرة العمل هي التي تخلق ظاهرة الملكية وهذا ما وصفه بالكسب، أما انتفاع المرء بما يملك فأطلق عليه اسم الرزق، فالنقود إذاً حصيلة لقيمة العمل وليس لها قيمة بحد ذاتها إلا بما تخلقه من ظواهر في الملكية.
ويقارن ابن رشد بين ظاهرة الإنتاج أو العمل وبين ظاهرة الاستهلاك، ويرى أن العمل في مجتمعه قاصر على الرجال فقط دون النساء، وقارن بين كفاءات الرجال والنساء في خدمة المجتمع، ويجد أن المرأة مزودة بكفاءات كالرجل تماماً، ورغم ذلك يبقى الرجال مكفلين بالإنتاج ، ويرجع ذلك إلى فقدان عنصر المساواة بين الطرفين، فالرجال هم المستأثرون بالسلطة مما يعمل على إرهاقهم بمسؤوليات وأعمال هي من واجب النساء.
يقارن مونتسكيو في كتاب روح القوانين بين أنظمة الحكم في مجتمعات معاصرة ويجد أن نظام الحكم في بعض المجتماعت كفرنسا يقوم على الجمع بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، وبعضها الآخر كالمجتمع الانكليزي في عهده، يفصلها عن بعضها.
ويقارن مونتسكيو بين القوانين المدنية والسياسية في المجتمع وبين البيئة الفيزيائية لمجتمعات أخرى ، ويرى أنها تتمايز وتتأثر بظاهرات اجتماعية أخرى كعدد السكان وميولهم وحرية الجماعة وأخلاقها وخصالها.
سبنسر يقارن بين مجتمعات صناعية حديثة، أما كونت فيقارن بين مجتمعات بدائية وحضارية قديمة وأخرى حديثة.
وهناك ثلاث معطيات رئيسية قابلة للمقارنة بين الجماعات الإنسانية:
المعطيات المتضمنة في عملية الحياة والعمل والتعامل ضمن المجتمعات القابلة للمقارنة وتدور هذه المعطيات حول الناتج المادي أو أشكال التمثيل الرمزي من أهداف ونشاطات.
معطيات الملاحظة والوصف الصادرة عن المؤرخين والحقوقيين والرحالة المبشرين، وهذه تعتبر من الدراسات الانثربولوجية.
المعطيات المستقاة بواسطة إحصاءات متقنة ودراسات عن السبر أو اختبارات خاصة بمجموعات سكانية أو إقليمية أو بأمكنة العمل أو بالأسر أو بالإفراد.
وفي إطار التقدم العلمي عبر التطور الزمني فقد برز إنجازان لهما أهمية كبرى في الإسراع في حل الكثير من المشكلات المتعلقة بطريقة المقارنة وهما:
1. التحسينات في الآلات المعدة لمعالجة مجموعات كبيرة من المعطيات بسرعة أكبر مما كانت عليه سابقاً.
2. إحداث أجهزة بحث بالعينات في عدد من البلاد لمجموعة من المتغيرات أكبر بكثير من تلك الأبحاث التي كانت تجري سابقاً كالإحصاءات الرسمية.
المقارنة: تعريفها ، أهميتها، استخدامها:
تشمل طريقة المقارنة إجراء مقارنات بين الظاهرات الاجتماعية بقصد الوصول إلى حكم معين يتعلق بوضع الظاهرة في المجتمع، والحكم هنا مرتبط باستخلاص عناصر التشابه أو التباين بين عناصر الظاهرة لتحديد أسس التباين وعوامل التشابه، فهي نوع من البحث يهدف إلى تحديد أوجه الخلاف والتشابه بين وحدتين فأكثر.
وتتمثل في ثلاثة أبعاد: البعد التاريخي يقارن بين وضع الظاهرة في مراحل تاريخية متعاقبة، وبعد مكاني يقارن بين الظاهرة في مكان معين وتواجدها في مكان آخر، وبعد ثالث هو البعد الزماني المكاني الذي يقارن بين تواجد الظاهرة في مكان وزمان معين مع تواجدها في أمكنة أخرى وأزمنة متباينة.
فالبحث الاجتماعي بطريقة المقارنة يتناول:
1. تغيرات الحادث الاجتماعي في مجتمع واحد، حيث تتم دراسة المتغيرات المتتالية ومقارنتها مع بعضها في آن واحد.
2. تغيرات الحادث الاجتماعي في عدة مجتمعات من جنس واحد أي الحادث عبر تطوره التاريخي، ولكن في عدة مجتماعات من جنس واحد.
3. تغيرات الحادث الاجتماعي في عدة مجتمعات من أجناس مختلفة مثال ذلك دراسة نظام الزواج وتتطوره في كل من الصين وفرنسا وسورية والكونغو.
وطريقة المقارنة في البحث الاجتماعي تعمل على الاستفادة من كل المعطيات وخاصة تلك التي تتوضح بالبحث والتجربة، فتفرز العناصر الثابتة والمتغيرة في الظواهر الاجتماعية، وقد اعتبر البعض أن طريقة المقارنة طريقة شبه تجريبية تختبر كلاً من العناصر الثابتة والمتغيرة في الظاهرة الاجتماعية في أكثر من مجتمع.
ويقول دوركهايم إنه لما كانت الظواهر الاجتماعية لا تسمح ببداهة تدخل الباحث في سيرها الطبيعي فإن الطريقة الوحيدة التي تتناسب مع طبيعة الموضوع الذي يدرسه علم الاجتماع هي طريقة المقارنة.
و الفرق بين المقارنة والملاحظة ينحصر في الخطوة الأولى من الدراسة وهي إيجاد الظاهرة أو تقبلها كما هي موجودة من قبل، فإن المقارنة مسبوقة بالملاحظة وهي تجربة غير مباشرة أي تجربة فيها بعض التأثير لا كله، حيث يلاحظ الظاهرات وعناصرها وإن يقارنها بغيرها.
مما سبق نجد أن المقارنة عند دوركهايم هي تجربة غير مباشرة لأنها تمكن الباحث من إيجاد هاتين الظاهرتين متى أراد بإحدى الوسائل الصناعية (ويقصد بذلك من ميدان العلوم الطبيعية)، فإن الطبيعة في هذه الحال هي الطريقة التجريبية بمعنى الكلمة، أما إذا لم يستطع على العكس من ذلك إيجاد الظواهر متى أراد ولم يتمكن من المقارنة بينها في الوضع الذي توجد فيه( يقصد الظواهر الاجتماعية) حسب ما تقتضيه طبيعتها فإن الطريقة التي تستخدم في هذا الحال هي طريقة التجربة غير المباشرة أو طريقة المقارنة.
كما نجد أنه كلما كبر عدد الحوادث أدى إلى اتساع رقعة المقارنات والتي تعتبر من ضروريات البحث في علم الاجتماع لأسباب عديدة لعل من أهمها:
التعميم: لأن الغرض الأساسي من عقد المقارنات هو الوصول إلى أحكام عامة لجميع الظاهرات التي هي من نوع واحد، ويكون التعميم أكثر يقيناً وأقل خطأً من الشك كلما كبر عدد الظاهرات التي هي قيد الدراسة.
دقة المقارنة: فالوصول إلى نتائج دقيقة للمقارنة يستدعي إجراءها على عدد كبير من الحوادث بالإضافة إلى الاعتماد على الأسس المنهجية لتنفيذ الدراسات السابقة.
طبيعة البحث الاجتماعي: التي ترتبط بطبيعة الحياة الاجتماعية التي تحوي على عدد كبير من الظاهرات سواء أكانت الفريدة منها أو المتكررة.
المقارنة في العلوم الاجتماعية
طريقة المقارنة في علم التاريخ:
يقدم التاريخ لوحة كاملة عن الظروف والأحوال والوقائع والأحداث المحيطة بالظواهر الاجتماعية ، ويمكن أن تتم المقارنة التاريخية بالصور التالية:
• داخل مجتمع معين بالذات كدراسة الزواج في سورية واختلافه من فترة زمنية إلى أخرى.
• بين عدد من المجتماعت ذات طابع متشابه كدراسة نظام الزواج في سورية ومصر والمغرب.
• بين عدد من المجتمعات المتباينة كدراسة نظام الزواج في كل من سورية والصين وأميركا.
طريقة المقارنة في الانثروبولوجيا:
فعالم الانثروبولوجيا يكشف ويصف النواحي الجسمية التي يختلف فيه الإنسان عن الكائنات الحية الأخرى، والنواحي التي تختلف فيه جماعة إنسانية عن جماعة إنسانية أخرى، وأوجه الاختلاف وأوجه الشبه بين الحضارات الإنسانية، ثم يحاول أن يخرج من كل هذه الدراسات بقواعد عامة أو قوانين تتحكم في تكوين وتطور المجتمعات والحضارات الإنسانية.
ويشمل البحث في الانثروبولجيا قسمين رئيسيين:
يركز الأول اهتمامه على الإنسان ككائن طبيعي، وقد أطلق على هذا القسم اسم الانثروبولوجية الجسمية أو علم الإنسان الجسمي.
ويركز القسم الثاني اهتمامه على الإنسان ككائن اجتماعي وقد أطلق على هذا القسم اسم الانثروبولوجيا الحضارية أو علم الإنسان الحضاري.
طريقة المقارنة في علم الإحصاء:
إن صعوبة التجريب في الأبحاث الاجتماعية جعلت لعلم الإحصاء أهمية كبيرة في التأكد من صحة الفروض، فإن كان التجريب بشكل مباشر في الأبحاث الاجتماعية متعذراً بسبب طبيعة الظواهر الاجتماعية وصعوبة التحكم في المتغيرات المتشابكة فإن سميمان يرى إمكانية وجود تجريب إحصائي حقيقي يعتمد على الناحية العقلية وذلك بربط العناصر ببعضها أو عزل بعضها عن البعض الآخر بواسطة عمليات عقلية لها من الدقة ما للتجارب العلمية تماماً.
أشكال المقارنة: كيفية وكمية
المقارنة الكيفية: عرف الفكر العلمي هذا النوع قبل المقارنات الكمية.
وتشمل عملية المقارنة الكيفية شكلين أساسيين يعتمد الأول على جمع المعلومات حول مواضيع الدراسة عن كثب والتعرف على صفاتها وأوصافها ومن ثم المقارنة بينها على النحو المطلوب في تلك الدراسة وقد كان ذلك يتم عن طريق القيام برحلات علمية إلى المجتمعات المراد دراستها.
أما الشكل الثاني فيكتفي فيه الباحثون بجمع الأخبار من كتب الرحالة أو عن طريق الاتصال بهم مباشرة، ثم يلجؤون إلى التعليق على تلك الأخبار ومناقشتها.
المقارنة الكمية: فتقوم المقارنة الكمية على حصر حالات الظاهرة بعدد أو بكم معين وهنا تبرز أهمية الإحصاء ودوره في ضبط ذلك الحصر بدقة ووضح.
شروط طريقة المقارنة: منهجية و ذاتية
المنهجية:
من أهم الشروط مراعاة تحديد معايير ثابتة للموازنة إضافة إلى توخي طابع الموضوعية الذي يستدعي التقيد بالواقع المادي وهو ما يسمى بالوقعية والموضوعية في البحث.
وعملية المقارنة هي عبارة عن إجراء موازنة بين الحوادث لاستخلاص جوانب الشبه ونقاط الاتفاق من جهة والتعرف على جوانب الاختلاف والتباين من جهة أخرى، ففي الاعتماد على معايير ثابتة للموازنة والمقارنة إظهاراً لمواضيع التعادل، ومواضيع التراجح والتباين ومن ثم تبياناً لكمية التعادل وكيمة هذا التباين التراجحي بين تلك المواضيع.
أما الموضوعية تتصمن معنى الواقعية وتعتبر شرطاً لدراسة حوادث البشر.
وللواقعية عند ابن خلدون ثلاث درجات فهي إما ضرورية وإما ممكنة وإما مستحيلة، فالتعاون بين أفراد البشر ظاهرة ضرورية لتأمين حاجيات الفرد، فالظاهرات الاجتماعية الضرورية لابد من وجودها في كل اجتماع بشري.
أما الظاهرات الممكنة فهي التي يمكن أن تقع في ظروف حياة اجتماعية أو مجتمع معين ولا توجد في مجتماعات أخرى، أما المستحيلة فإنها في الدرجة الصفر من إمكان الوقوع.
الذاتية:
تتعلق بشخصية الباحث وقدرته التحليلية التي ترتبط بغزارة ثقافته ومعارفه بالإضافة إلى إلمامه بخبرات وافية عن المجتمع الذي يدرس فيه الظاهرة أو المجتمعات، وتحرره من تأثير بعض الأفكار الدوغمائية.
ولابد من توافر بعض القدرات الأساسية كي يستطيع القيام بواجبه على أكمل وجه ممكن، وهي التخيل والقدرة على تطبيق أسلوبي البحث في طريقة المقارنة اللذان يتضمنان عمليتي التحليل والتركيب للموضوع المدروس.
A. الخيال:
يمد الباحث الاجتماعي بصورة عن الظاهرة من واقع المجتمع أو المجتماعات البشرية في الماضي والحاضر على حد سواء، من أجل إدراك عناصر الشبه والاختلاف بينها أو التعرف على العناصر المشتركة بين بعض الظاهرات دون الأخرى فخيال كونت العلمي مثلاً ساعده على تجريد عنصر تكرر وجوده في عقليات أمم بدائية عديدة.
أما تخيل ماركس نبهه إلى تشابه تلك الظاهرات في عنصر أساسي مشترك وهو المادة فالمادة وفن الانتفاع بها وهو الاقتصاد يشكلان أساس وجود المجتمعات، فقد تعرف على عنصر اختلاف بين هذه الظاهرات، فظاهرة قطف الثمار للبدائيين غير ظاهرة الصيد.
الخيال عبارة عن عملية استخضار وتجريد ذهني لعنصر أو عناصر معينة تساعد على تعيين مدى تعميم العنصر أو العناصر على الظواهر الاجتماعية المختلفة.
B. التحليل والتركيب في طريقة المقارنة:
يعتمد الفكر العلمي عند دراسة موضوع معين على أسلوبين في البحث، يلجأ في الأول منهما إلى تحليل الموضوع المدروس إلى عناصره الأولية ليتعرف على الأساسية منها والثانوية، ثم يتجه بعد ذلك إلى إعادة بناء تلك العناصر في كل متكامل ومتناسق.
وفي عملية التحليل يعمد إلى فهم عناصرها كل على حدة، وتكمن أهمية هذه النقلة التحليلية من الكل إلى الأجزاء في الكشف والتعرف على العنصر أو العناصر التي تلعب دوراً أساسياً في حدوث الظواهر الاجتماعيةة، وتمكن من التنبؤ بآثار تلك الظواهر.
أما في مرحلة التركيب فتتم فيها دراسة نشأة الظواهر وتطورها وكيفية تفاعل العناصر المكونة لها، فأساس هذه العملية يدور حول ضم الأجزاء بغية تكوين صورة قريبة من الكل الواقعي.
أنواع المقارنة: ذات البعد الداخلي والخارجي.
المقارنة ذات البعد الداخلي:
يقتصر البحث في هذه الحالة على دراسة ما هو داخل المجتمع الواحد كدراسة مجتمع قروي معين فهو يهتم فقط بالخواص الداخلية التي ينفرد بها ذلك المجتمع، ويشمل هذا النوع من المقارنة ذات البعد الداخلي نوعين يرتبط أحدهما بمقارنة عناصر وأجزاء في وقت واحد وتتمثل الثانية بالمقارنة في أوقات زمنية متعاقبة.
i. مقارنة عناصر وأجزاء ظاهرة معينة في زمن واحد ومجتمع واحد:
تكون العناصر والأجزاء المدروسة متواجدة معاً في وقت واحد داخل المجتمع وضمن الظاهرة الاجتماعية الواحدة.
ii. مقارنة الظاهرة عبر مراحل زمنية مختلفة في مجتمع واحد:
حيث تتم ملاحظة الظاهرة في تعاقب الزمن فتكون المقارنة بين مراحل الظاهرة أو بين أقسام نموها، وهكذا يقسم هذا الشكل من المقارنات الداخلية إلى قسمين أساسيين يتعلق أحدهما بالمقارنة بمجرد النمو، ويندرج القسم الثاني في المقارنة بين المراحل فقط، كأن يتجه الاهتمام إلى المقارنة بين مراحل التعليم في مجتمع معين، وأحكام القسمين السابقين لا تكون عامة بل خاصة، فلا يمكن تعميم الأحكام في مجتمعات مختلفة.
المقارنة ذات البعد الخارجي:
تجري المقارنة في هذه الحالة بين عدة مجتمعات أو بين ظاهرات متعددة في مجتمعات مختلفة، وهذا ما فعله دوركهايم حينما قارن بين حالات الانتحار في المجتمعات التي تسودها أديان مختلفة ، ويتفرع عن هذا النوع من الأبحاث التي تعتمد على المقارنة ذات البعد الخارجي عدة حالات:
المقارنة بين عدة مجتمعات في زمن واحد: مثل نظام الزواج في القطر السوري والمجتمع الصيني والمجتمع الأمريكي في زمن واحد وليكن في عام 2008.
المقارنة بين عدة مجتمعات في مراحل تاريخية متباينة: كأن ندرس النظام الاجتماعي في الوطن العربي في فترة الاحتلال العثماني مع دراسة النظام الاجتماعي الهندي في فترة الاحتلال البريطاني.
مقارنة عناصر ظاهرة اجتماعية بين عدة مجتمعات في زمان واحد: وفي هذا النوع لا نقارن الظاهرة الاجتماعية بأكملها بل نتناول بعض العناصر منها أو العلاقات بين عدد من العناصر.
المقارنة ما بين المجتمعات وتباين أدوارها الاجتماعية من فترة تاريخية إلى أخرى: كدراسة أوربا في القرن السادس عشر من حيث نظامها الاجتماعي والاقتصادي ودورها في حركة العالم التاريخي ومكانها السياسي والاقتصادي مع دراسة المجتمع الأفريقي في القرن العشرين وبيان دوره السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
قواعد التحليل الأساسية في طريقة المقارنة
يعتمدها الباحث بغية الكشف عن أسباب الظاهرة المدروسة دون التعرض للبحث في القوانين.
1. قاعدة البواقي:
عند وجود حادثة مؤلفة من مجموعة عناصر فلتكن ( آ ب ج د هـ) لها مجموعة علل هي ( ق ك ل م ن ) فإذا كانا عرفنا أن آ سببه ق وأن ب سببه ك وأن ج سببه ل وأن د سببه م فلم يبق من المجموعة المعلولة إلا عنصر هـ ولم يبق من مجموعة العلل إلا القسم ن حينئذ يكون ن هو سبب وجود هـ ويغدو الفرض حقيقة، باستخدام قاعدة البواقي في التحليل وذلك الإسقاط.
مثال: عدد من الجانحين يتوزعون في فرق هي ( آ ب ج د هـ) وكان لدينا أسباب لورودهم مؤسسة ملاحظة الأحداث هي ( سرقة أعمال جنسية تشرد مشاجرة قتل) فنقول: معلوم أن فرق الجانحين آ سببها هو ارتكاب السرقة ق وأن فرقة ب سببها أعمال جنسية ك وأن التشرد ل هو سبب جنوح فرقة ج وأن التشاجر م هو سبب جنوح الفرقة د إذاً نسقط هذا الذي حصرناه من الجوانب المعلومة فيبقى لدينا حصر أخير هو ما تبقى من الفرق أي هـ وسببها ما تبقى من مجموعة العلل هو القتل ن. لكن قد يكون الفرقة هـ أكثر من سبب منها مخالفات السير في الدراجات وفقدان الهوية أو سوء سلوك ضمن الأسرة، وهكذا يبدو حصر كل الأسباب الاجتماعية أمراً صعباً وشائكاً، ولذلك نرى دوركهايم يطرح عدم صلاحية هذه القاعدة في المقارنات الاجتماعية.
2. التلازم في الحضور:
يمكن التحقق في حدوث ظاهرة نتيجة سبب معين بواسطة تكرار حدوثها في حالات عديدة فإن رافق ظهورها غياب عناصر معينة واستمرار تواجد عناصر أخرى في كل الحالات فإن هذا يفيد أن هذا السبب الذي يلازم حضوره حضور الظاهرة هو سببها حقاً وبدا يغدو يقيناً ويصبح نظرية.
الظاهرة العناصر التكرار
ل آ ب ج د الأولى
ل آ ب ق د الثانية
ل آ ق ج د الثالثة
ل و ب ج د الرابعة
نجد أنه في كل التجارب التي وجدت فيها الظاهرة ل تواجد فيها أيضاً العنصر د فهنالك إذاً تلازم في الحضور وهذا يعني أن سبب الظاهرة ل هو العنصر د.
3. قاعدة التلازم في الغياب:
ويكون ذلك بملاحظة تكرار غياب الظاهرة في مرات على حين أن عناصر أخرى تغيب حيناً وتحضر حيناً، يعتبر ذلك دليلاً على أن العنصر المفترض هو سبب حدوث الظاهرة، ويطلق دوركهايم على هذه القاعدة اسم طريقة الاختلاف.
ويرى دوركهايم أن تعقد الحياة الاجتماعية وتشابك ظواهرها هو السبب الذي يؤدي إلى صعوبة استخدام كل من طريقة الاتفاق وطريقة الاختلاف.
وهاتان الطريقتان لا تؤديان في البحث الاجتماعي إلا إلى آراء ظنية لا آراء يقينية أي آراء علمية كما يندد دوركهايم بعلماء الاجتماع الذين كانوا يعتمدون على هاتين القاعدتين في دراسات المجتمعات للحصول على يقين في التعليل للظاهرات.
4. قاعدة التلازم في التغير:
مثال: قد يترافق مع كل تغير لظاهرة اجتماعية مثل ب تغير في ظاهرة أخرى مثل ج وهنا يتأكد الباحث من وجود علاقة معينة بين ب و ج فكمية الغذاء التي يتناولها الفرد في مناطق مختلفة اقتصادياً تتفاوت عن تلك التي يحظى بها سكان المناطق متوسطة النمو اقتصادياً وقد يرافق هذا مزيداً في نسبة بقاء المواليد أحياء فيرتفع هذا المزيد بنفس ذلك الاتجاه السابق، وبالتالي يمكن القول إن تحسن الغذاء سبب في مزيد بقاء الحياة.
ويقتضي الاعتماد على قاعدة التلازم في التغيير مراعاة شرطين أساسيين يرتبط أحدهما بتوفر عدد كبير من حالات الظواهر التي تعرض للتغيير لأن العدد القليل لا يقدم دعماً للتوازي في التغيير أو التوافق، أما الشرط الثاني فيستلزم أن لا يقارن الباحث بين التغيرات المتفرقة بل المتصلة ببعضها.
ولقاعدة التلازم مميزات أنه يستعمل فيها الكم الرياضي وهكذا تعطي هذه القاعدة دقة عملية أكبر، كما أن هذه القاعدة أسهل استعمالاً لدى الباحث الاجتماعي نظراً لإمكان اقتصارها على ظاهرتين تدرس فيهما مجموعتي تغييراتهما بينما يتطلب الأمر في القواعد الأخرى توفر ظاهرات كثيرة يحذف بعضها ويبقى بعضها.
إن هذه القاعدة تصلح للبحوث الاجتماعية المقارنة نظراً لكثرة التغيرات في الظاهرات الاجتماعية والتي تقسم إلى قسمين: تغيرات توجد بشكل تطور اجتماعي للظاهرات في مدى تاريخ الشعوب، وتغيرات تطرأ على الظاهرة في الأمد القريب وتعيش في مجتمع واحد أو في عدة مجتمعات، ويرى دوركهايم أن استعمال هذه القاعدة في علم الاجتماع أنجح منه في علوم الطبيعة.
و يبقى أهم محذور من محاذير هذه القاعدة أن التلازم بين مجموعتي التغيير قد لا يدل على أن لإحدى الظاهرتين علاقة بالأخرى، ولا يكفي مجرد ظهور التلازم بل يجب التحري عما وراء ذلك من حالة كامنة خفية من خلال تحليل منطقي للتلازم.
الجوانب الخارجية في البحث الاجتماعي المعتمد على طريقة المقارنة
1. تحديد موضوع البحث مع أبعاد الدراسة:
وهي من أدق خطوات البحث الاجتماعي العلمي ويتم بناؤها على أساس علمي دقيق، فعلى الباحث عندما يختار موضوع دراسته أن يتأكد من توفر عدة أمور لعل من أهمها: الإمكانيات اللازمة للبحث كالوقت الكافي للدراسة وجمع البيانات وتحليل وتفسير وعرض النتائج النهائية وهذه الإمكانات يجب أن تكون متوافقة مع بعضها.
وهناك عدد من العوامل تعمل على تحديد اختيار الظاهرة منها: الاهتمامات الشخصية، والاهتمام الاجتماعي والسياسي الموجه نحو بعض الأبحاث والمشاكل الاجتماعية وتوفر الظروف السياسية والاجتماعية والعلمية، وعلى الباحث أن يحدد زمن الدراسة منذ بداية البحث وحتى نهايته وأن يحدد المكان الجغرافي للدراسة أي تحديد المجتمع ثم يعمل على صياغة ذلك لغة واضحة وسهلة، إن لتحديد الظاهرة وأبعادها بالشكل الدقيق أهمية كبيرة عند جمع البيانات وتحليلها وتفسيرها وعرض النتائج وتعميمها.
2. وحدة المقارنة ومادتها:
ولها فوائد في القياس والتحليل والاستنتاج وتختلف وحدة المقارنة من بحث إلى آخر تبعاً لطبيعة البحث ولأهدافه والمواضيع التي يتطرق إليها.
ووحدة المقارنة هي الأساس الذي يتم بموجبه المقارنة بين شيئين أو حالتين فعندما نقارن بين طول قامة أحد الأشخاص وطول قامة شخص آخر فإن وحدة المقارنة المعتمدة في المقارنة بين الشخصين هي طول القامة.
وتكمن الصعوبة أنه في المجال الاجتماعي يصعب تحديد نوع المقاييس ودرجاتها، ويتم التغلب على هذه الصعوبة بالتعاريف والمفاهيم الإجرائية لهذه المستويات أو الدرجات أو المقاييس، ففي بحث دراسة المستويات التعليمية في أكثر من مجتمع على الباحث أن يضع تعريفاً إجرائياً للمستوى التعليمي ولدرجاته ولوحدة المقارنة المتبعة في البحث ذاته حتى تكون موضوعية وعلمية وممكنة التعميم لا متحيزة أو ذاتية.
ولا يمكن إجراء مقارنات بين عناصر غير متماثلة وغير متجانسة، فلا يجوز مثلاً إجراء المقارنة بين صراع الطبقات في فرنسا قبل الثورة الفرنسية وبين تحرر المرأة العاملة في القطر العربي السوري.
ويمكن أن نقارن بين العوامل والأسباب التي تدفع الشباب إلى متابعة التعليم والتعليم العالي وبين العوامل والأسباب التي تدفع الشباب أيضاً وفي نفس المجتمع أو في مجتمع آخر إلى الزواج المبكر، وموضوع المقارنة في هذه الحالة ليس الظاهرة ذاتها بل العوامل التي تؤدي إليها.
وبالطبع لا تقتصر المقارنة على الظواهر الاجتماعية وعواملها فحسب بل تشمل النظم الاجتماعية والعادات والتقاليد والمعايير وغيرها.
3. طراز التعاون المستعمل في مادة البحث:
وإن من أهم الجوانب الخارجية في البحث الاجتماعي بطريقة المقارنة هو تحديد نوع التعاون وخاصة تلك الأبحاث التي تتجاوز المجتمع الواحد فتصبح دولية وتندرج عملية التعاون في أربعة أصعدة:
على مستوى المفهوم: يبدأ بالتشاور بين فرق البحث من أجل وضع
النماذج والأسئلة التي سوف تطرح على العينة المراد إجراء البحث عليها قبل النزول إلى الميدان.
على صعيد تجميع المعلومات: تتضمن تشكيل فريق أو فرق البحث لجمع
البيانات ، ويمكن أن يكون لكل بلد فريق بحث خاص به يجمع المعلومات حسب النماذج الأساسية التي صممت للجميع ثم ترسل المعلومات والبيانات المجموعة إلى مركز البحث.
على صعيد تحليل المعطيات: أي تحليل البيانات بعد جمعها من الميدان
ويمكن أن يتم ذلك في كل بلد على حدة ثم ترسل إلى مركز البحث أو يتم تحليل البيانات عن طريق الفريق الدولي ليحللها وذلك على مستوى البحث كله.
على صعيد تفسير البيانات وإصدار النتائج: فإذا كان التحليل قد تم بشكل
فرعي في كل بلد، فالتفسير وإصدار النتائج يأتي بشكل فرعي أو ترسل البيانات المحللة إلى الفريق المركزي ليعمل على إصدار النتائج.
إننا نجد أن هنالك عدة أشكال للتعاون، فتصنف من الدرجة الأولى حيث يتم البحث في كل بلد بطريق مستقل بذاته سواء في التصور أم في الجمع أم في التحليل أم في التفسير وإصدار النتائج أو يندرج نحو الدولية في إحدى هذه المراحل حتى المرحلة النهائية، والصيغة السادسة الدولية هي الصيغة المثالية للتعاون الدولي ولكن هذه الصيغة مكلفة مادياً وزمنياً وهي صعبة التطبيق في المجال الواقعي.
وقد أشار البعض إلى نظام (المعطيات الخام أو بنك المعلومات) حيث يتوفر في هذه الأماكن معلومات ومعطيات من الدول يتناولها فريق دولي بالبحث دون عناء في جمع المعلومات من البلدان لكن له مساوئ تضر بالبحث العلمي الاجتماعي كما أشار كينفسلي ديفيس حيث أن ذلك لا يساعد في خلق الجو الفكري للبحث المقارن، إضافة إلى ذلك فإن الجهل بالفوارق الماثلة في المضامين الثقافية والاجتماعية والسياسية المختلفة قد يؤدي إلى أخطاء في تفسير وتحليل النتائج الخاصة بكل بلد.
البنية الداخلية لدراسة التحليل المقارن وعملياته
1. المفاهيم والمصطلحات المستخدمة في البحث:
وتزداد أهميتها في الأبحاث العلمية الاجتماعية وخاصة التي تتجاوز الحدود إلى أكثر من مجتمع نظراً لاختلاف الثقافات بين مجتمع وآخر.
فمفهوم المصطلح يجب أن يكون واضحاً ومتعارفاً عليه في مجتمعات البحث وهذا الاختلاف بين ثقافات المجتمع جعل الباحثين في العلوم الاجتماعية يبحثون في المجتمعات المتشابهة، كالبلدان العربية مثلاً وحصر الدراسات المقارنة للمجتمعات المختلفة لمستوى أعلى من العمومية.
2. المتغيرات المتشابهة والمتغيرات المختلفة:
وهي تحديد كل من المتغيرات المتشابهة والمتغيرات المختلفة في كل مجتمع من المجتمعات قيد الدراسة على حدة، وفي كل مجتمع نجد ظواهر اجتماعية تتسم بطابع العمومية أو الشمولية حيث تتشارك المجتمعات الأخرى بها إضافة إلى وجود بعض السمات الأخرى الخاصة بهذا المجتمع دون غيره من المجتمعات.
3. القياس ووحدات المقارنة:
إن العلوم الاجتماعية بحاجة إلى مقاييس تحمل الطابع العمومي شكلاً ومضموناً أي تستطيع أن تلبي الغرض العلمي وتصلح لأكثر من مجتمع وتساعد الباحث الاجتماعي في ضبط و امتحان فروضه على أساسها سواء في قياسه لصفات الظواهر الاجتماعية أو لسماتها أو في قياسه للعلاقات الاجتماعية والارتباطات التي يفترض وجودها كقياس العلاقة بين الدخل والتحصيل العلمي مثلاً.
ويتضمن القياس وحدات رقمية كمية يعتمد عليها في قياس الظواهر الاجتماعية وكمثال ذلك قياس الأمية في كل من المجتمع العربي السوري والأردني واللبناني والعرافي، فوحدة المقارنة هنا الأمية، لذا وجب على الباحث تعريف الأمية تعريفاً إجرائياً لأنه من الممكن أن يختلف تعريفها بين كل من سورية والأردن ولبنان والعراق.
نقد وتقويم:
• إن وحدات المقارنة في العلوم الاجتماعي تحمل مضموناً يتغير بتغير
المراحل التاريخية، فمفهوم الطبقة في القرن العشرين قد لا يكون له بالضرورة نفس القوة التحليلية في العصر العباسي أو الأموي.
• ويصادف الباحث في نطاق الدراسات السكانية والاجتماعية صعوبات
جمة عند مقارنة مستوى المعيشة في أقطار متباينة ليصل إلى مقياس موحد يعتمد في تصنيف الدول بين متخلفة ونامية ومتقدمة، فمستوى المعيشة يرتبط كمفهوم علمي بوحدات متباينة في التعبير والقياس، وخط الفقر يرتبط بتلبية الحاجات الأساسية في مجتمع ما وتلك الحاجات متباينة متبدلة.
إن تلك الصعوبات في تبدل معنى المفاهيم وتغييرها أوقعت علماء الاجتماع في إرباكات منهجية عند محاولتهم استخدام طريقة المقارنة للوصول إلى قواعد عامة تحكم الظواهر الاجتماعية في المجتمع الواحد وعبر المجتمعات.
• وتتضح أبعاد المشكلة في إطار طريقة المقارنة على النحو التالي:
باحث يطمح إلى أن يرقى بالمفهوم العلمي ليتجاوز أبعاد الزمان والمكان وواقع اجتماعي متغير متبدل يطرح مفاهيم علمية ذات ثبات نسبي تعبر عن روح العصر وبنيته الاجتماعية و المواءمة بين ذلك الطموح، وهذا الواقع يبقى هدف الإنسان الباحث ليرتبط بين المفهوم العلمي وإطاره الزماني والمكاني، وقد حققت الإنسانية قفزات نوعية في مجال بعض الميادين المعرفية فأصبحت مفاهيم الطب لغة عالمية وكذلك الرياضيات والفيزياء والكيمياء، أما في مجال القيم الثقافية فإن مفاهيمها العالمية تخضع لمعايير ذاتية وموضوعية وتاريخية ويمكن لنا أن نطرح اجتهاداً في حل تلك المعضلة.
ويتمثل هذا الاجتهاد بدراسة المفاهيم في إطارها التاريخي بما يحقق الانسجام والتوافق المنطقي والوظيفي في إطار مرحلة ما ،ومقارنة ذلك المفهوم في إطار تفاعله ضمن منظومته الخاصة والعامة مع حالة أخرى وجدت عليها، فطبقة الإقطاع في الوطن العربي تتماثل من حيث الوظيفة في إطارها التاريخي مع وظائف الإقطاع في أوربا، ولكن أشكال وحدود الإقطاع في كل منهما تتباين بتباين الظروف الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية.
منقول
الأربعاء مايو 30, 2018 8:53 pm من طرف Nanondouch
» إختبار الثلاثي الثالث مادة العلوم الطبيعية
الأربعاء مايو 16, 2018 9:05 pm من طرف حاج
» دلیل بناء اختبار مادة علوم الطبیعة والحیاة في امتحان شھادة البكالوریا – أكتوبر 2017
الخميس نوفمبر 30, 2017 11:58 pm من طرف زغينة الهادي
» ملفات مفتوحة المصدر لجميع مصممين الدعاية والاعلان
السبت نوفمبر 25, 2017 1:04 am من طرف زغينة الهادي
» مادة الرياضيات السنة الاولى ثانوي
الخميس نوفمبر 16, 2017 12:12 am من طرف اسماعيل بوغنامة
» برنامج لصنع توقيت مؤسسة تربوية
الخميس سبتمبر 28, 2017 11:12 pm من طرف زغينة الهادي
» كل ما يخص الثانية متوسط من مذكرات ووثائق للأساتذة
الثلاثاء سبتمبر 26, 2017 11:03 am من طرف linda.hammouche
» المنهاج والوثيقة المرافقة له للجيل الثاني في كل المواد لمرحلة التعليم المتوسط
الثلاثاء سبتمبر 26, 2017 10:56 am من طرف linda.hammouche
» دليل استخدام كتاب الرياضيات الجيل الثاني سنة4
الجمعة سبتمبر 22, 2017 1:26 pm من طرف زغينة الهادي