مشكلة : السؤال و المشكلة
المقالة الأولى :
نص السؤال : هل لكل سؤال جواب بالضرورة ؟
الإجابة النموذجية : الطريقة الجدلية
طرح المشكلة : ماهي الحالة التي يتعذر فيه الجواب عن بعض الأسئلة ؟ أو هل هناك أسئلة تبقى من دون الأجوبة ؟
محاولة حل المشكلة :
الأطروحة : هو الموقف الذي يقول أن لكل سؤال جواب بالضرورة
الحجج:
لأن الأسئلة المبتذلة والمكتسبة والعملية تمتلك هذه الخصوصية ذكرالأمثلة (
الأسئلة اليومية للإنسان ) ( كل شيء يتعلمه الإنسان من المدرسة) ( أسئلة
البيع والشراء وما تطلبه من ذكاء وشطارة )
النقد : لكن هناك أسئلة يتعذر و يستعصي الإجابة عنها لكونها تفلت منه .
نقيض الأطروحة : هو الموقف الذي يقول أنه ليس لكل سؤال جواب بالضرورة
الحجج :لأن
هناك صنف أخر من الأسئلة لا يجد لها المفكرين والعلماء و الفلاسفة
حلامقنعا وذلك في صنف الأسئلة الانفعالية ( الأسئلة العلمية ،
الأسئلةالفلسفية ) التي تجعل الإنسان حائرا مندهشا أمام بحر من تساؤلات
الحياةوالكون ،و ما تحمله من صور الخير والشر ، ولذة و ألم ، وشقاء ،
وسعادة ،ومصير ... وغيرها من الأسئلة التي تنبثق من صميم وجودنا وتعبر عنه
فيوضعيات مستعصية حول مسألة الأخلاق فلسفيا أو حول مسألة الاستنساخ علميا
أوفي وضعيات متناقضة محيرة مثل مسألتي الحتمية المناقضة لمسألة الحرية
أحرجتالفكر الفلسفي طويلا .كما توجد مسائل مغلقة لم تجد لها المعرفتين
(الفلسفية ، العلمية ) مثل مسألة من الأسبق الدجاجة أم البيضة ..إلخ
أوالانغلاق الذي يحمله في طياته كل من مفهوم الديمقراطية و
اللاديمقراطيةهذه كلها مسائل لا تزال من دون جواب رغم ما حققه العلم من
تطور وما كسبهمن تقنيات ووسائل ضخمة ودقيقة .. ومهما بلغت الفلسفة من
إجابات جمة حولمباحثها .
النقد :لكن
هذا لا يعني أن السؤال يخلوا من جواب فلقد استطاع الإنسان أن يجيب
علىالعديد من الأسئلة لقد كان يخشى الرعد والفيضان والنار واليوم لم
يصبحواإلا ظواهر .
التركيب :من
خلال هذا التناقض بين الأطروحتين ؛ نجد أنه يمكن حصر الأسئلة في
صنفينفمنها بسيطة الجواب وسهلة ، أي معروفة لدى العامة من الناس فمثلا
أناكطالب كنت عاميا من قبل أخلط بين الأسئلة ؛ لكني تعلمت أنني كنت أعرف
نوعواحد منها وأتعامل معها في حياتي اليومية والعملية ، كما أنني تعرفت
علىطبيعة الأسئلة المستعصية التي يستحيل الوصول فيها إلى جواب كاف ومقنع
لها، وهذه الأسئلة مناط اهتمام الفلاسفة بها ، لذلك يقول كارل ياسبرس :
"تكمن قيمة الفلسفة من خلال طرح تساؤلاتها و ليس في الإجابة عنها " .
حل المشكلة:
نستطيع القول في الأخير ، إن لكل سؤال جواب ، لكن هناك حالات يعسر
فيهاجواب ، أو يعلق بين الإثبات والنفي عندئذ نقول : " إن السؤال ينتظر
جوابا، بعد أن أحدث نوعا من الإحراج النفسي والعقلي معا ، وربما من باب
فضولالفلاسفة والعلماء الاهتمام بالسؤال أكثر من جوابه ؛ قديما إلى يومنا
هذا، نظرا لما يصنع من حيوية واستمرارية في البحث عن الحقيقة التي لا
تنهيالتساؤلات فيها .
المقالة الثانية :
نص السؤال : هل تقدم العلم سيعود سلبا على الفلسفة ؟
الإجابة النموذجية :الطريقة الجدلية
طرح المشكلة
: فهل تقدمالعلوم وانفصالها عن الفلسفة سوف يجعل منها مجرد بحث لا طائل
وراءه ، أوبمعنى أخر ما الذي يبرر وجود الفلسفة بعد أن استحوذت العلوم
الحديثة علىمواضيعها .
محاولة حل المشكلة :
الأطروحة : لا جدوى من الفلسفة بعد تطور العلم
الموقف :
يذهب بعضالفلاسفة من أنصار النزعة العلمية ( أوجست كونت ، غوبلو ) أنه لم
يعدللمعرفة الفلسفية دور في الحياة الإنسانية بعد ظهور وتطور العلم في
العصرالحديث .
الحجج :
-
لأنها بحث عبثي لا يصل إلىنتائج نهائية ، تتعدد فيه الإجابات المتناقضة ،
بل نظرتها الميتافيزيقيةتبعدها عن الدقة الموضوعية التي يتصف بها الخطاب
العلمي هذا الذي جعلأوجست كنت يعتبرها حالة من الحالات الثلاث التي حان
للفكر البشري أن يتخلصمنها حتى يترك للمرحلة الوضعية وهي المرحلة العلمية
ذاتها . وهذا الذي دفعغوبلو يقول : " المعرفة التي ليست معرفة علمية معرفة
بل جهلا " .
النقد :
لكن طبيعةالفلسفة تختلف عن طبيعة العلم ، فلا يمكن قياس النشاط الفلسفي
بمقياس علمي، كما أن الفلسفة تقدمت بتقدم العلم ، فالإنسان لم يكف عن
التفلسف بل تحولمن فلسفة إلى فلسفة أخرى .
نقيض الأطروحة : هناك من يبرر وجود الفلسفة رغم تطور العلم
الموقف
: يذهب بعضالفلاسفة من أنصار الاتجاه الفلسفي ( ديكارت ، برغسون ، مارتن
هيدجر ،كارل ياسبرس ) أن العلم لا يمكنه أن يحل محل الفلسفة فهي ضرورية .
الحجج
: لأن الفلسفة تجيبعن تساؤلات لا يجيب عنها العلم . فهاهو كارل ياسبرس
ينفي أن تصبح الفلسفةعلما لأنه يعتبر العلم يهتم بالدراسات المتخصصة
لأجزاء محددة من الوجودمثل المادة الحية والمادة الجامدة ... إلخ . بينما
الفلسفة تهتم بمسألةالوجود ككل ، وهو نفس الموقف نجده عند هيدجر الذي يرى
أن الفلسفة موضوعمترامي الأطراف أما برغسون أن العلوم نسبية نفعية في
جوهرها بينما الفلسفةتتعدى هذه الاعتبارات الخارجية للبحث عن المعرفة
المطلقة للأشياء ، أيالأشياء في حد ذاتها . وقبل هذا وذاك كان ديكارت قد
أكد على هذا الدورللفلسفة بل ربط مقياس تحضر أي أمة من الأمم بقدرة أناسها
على تفلسف أحسن .
النقد :
لكن الفلسفةباستمرارها في طرح مسائل مجردة لا تيسر حياة الإنسان مثلما
يفعل العلمفإنها تفقد قيمتها ومكانتها وضرورتها . فحاجة الإنسان إلى
الفلسفة مرتبطةبمدى معالجتها لمشاكله وهمومه اليومية .
التركيب : لكل من الفلسفة والعلم خصوصيات مميزة
لا
ينبغي للإنسان أن يثق في قدرةالعلم على حل كل مشاكله و الإجابة عن كل
الأسئلة التي يطرحها و بالتالييتخلى عن الفلسفة ، كما لا ينبغي له أن ينظر
إلى العلم نظرة عجز وقصور عنفهم وتفسير الوجود الشامل ، بل ينبغي للإنسان
أن يتمسك بالفلسفة والعلممعا . لأن كل منهما خصوصيات تميزه عن الأخر من
حيث الموضوع والمنهج والهدفوفي هذا الصدد يقول المفكر الفرنسي لوي ألتو
سير : " لكي تولد الفلسفة أوتتجدد نشأتها لا بد لها من وجود العلوم ..."
حل المشكلة
: وفي الأخيرنخلص إلى أن الإنسان يعتمد في تكوين معرفته وتطوير حياته عن
طريق الفلسفةوالعلم معا فلا يوجد تعارض بينهما فإن كانت الفلسفة تطرح
أسئلة فإن العلميسعى سعيا للإجابة عنها ، ثم تقوم هي بدورها بفحص إجابات
العلم و نقدها و.وهذا يدفع العلم إلى المزيد من البحث والرقي وهذا الذي
دفع هيجل إلى قولتهالشهيرة " إن العلوم كانت الأرضية التي قامت عليها
الفلسفة ، وتجددت عبرالعصور ".
المقالة الثالثة :
نص السؤال : يرى باسكال أن كل تهجم على الفلسفة هو في الحقيقة تفلسف .
الإجابة النموذجية : الطريقة جدلية
طرح
المشكلة : لم يكنالخلاف الفلاسفة قائما حول ضرورة الفلسفة ما دامت مرتبطة
بتفكير الإنسان ،وإنما كان قائما حول قيمتها والفائدة منها . فإذا كان هذا
النمط منالتفكير لا يمد الإنسان بمعارف يقينية و لا يساهم في تطوره على
غرار العلمفما الفائدة منه ؟ وما جدواه؟ وهل يمكن الاستغناء عنه ؟
محاولة حل المشكلة :
الأطروحة : الفلسفة بحث عقيم لا جدوى منه ، فهي لا تفيد الإنسان في شيء فلا معارف تقدمها و لا حقائق .
الحجج
: لأنها مجردتساؤلات لا تنتهي كثيرا ما تكون متناقضة وتعمل على التشكيل في
بعضالمعتقدات مما يفتح الباب لبروز الصراعات الفكرية كما هو الشأن في
علمالكلام .
النقد
: لكن هذا الموقففيه جهل لحقيقة الفلسفة . فهي ليست علما بل وترفض أن تكون
علما حتى تقدممعارف يقينية. وإنما هي تساؤل مستمر في الطبيعة وما وراءها و
في الإنسانوأبعاده ، وقيمتها لا تكمن فيما تقدمه و إنما في النشاط الفكري
الدؤوبالذي تتميز به ، أو ما يسمى بفعل التفلسف .
نقيض الأطروحة : الفلسفة ضرورية ورفضها يعتبر في حد ذاته فلسفة
الحجج
: لأن التفلسف مرتبطبتفكير الإنسان والاستغناء عنه يعني الاستغناء عن
التفكير وهذا غير ممكن.ثم إن الذين يشككون في قيمتها مطالبون بتقديم
الأدلة على ذلك ، والرأي والدليل هو التفلسف بعينه . ثم إن الذين يطعنون
فيها يجهلون حقيقتها ،فالفلسفة كتفكير كثيرا ما ساهم في تغيير أوضاع
الإنسان من خلال البحث عنالأفضل دائما ، فقد تغير وضع المجتمع الفرنسي
مثلا بفضل أفكار جون جاكروسو عن الديمقراطية . وقامت الثورة البلشفية في
روسيا على خلفية أفكارفلسفية لكارل ماركس عن الاشتراكية ، وبتن الولايات
المتحدة الأمريكيةسياستها كلها عن أفكار فلسفية لجون ديوي عن البراغماتية .
النقد
: لكن الأبحاثالفلسفية مهما كانت فإنها تبقى نظرية بعيدة عن الواقع
الملموس ولا يمكنترجمتها إلى وسائل مادية مثل ما يعمله العلم .
التركيب
: إن قيمة الفلسفةليست في نتائجها والتي هي متجددة باستمرار لأن غايتها في
الحقيقة مطلقة .وإنما تكمن في الأسئلة التي تطرحها ، و في ممارسة فعل
التفلسف الذي يحركالنشاط الفكري عند الإنسان. وحتى الذين يشككون في قيمتها
مضطرينلاستعمالها من حيث لا يشعرون ، فهو يرفض شيئا وفي نفس الوقت يستعمله
.
حل المشكلة : نعم إن كل رفض للفلسفة هو في حد ذاته تفلسف.
2 - الإشكالية :الفكر بين المبدأ و الواقع
مشكلة : انطباق الفكر مع الواقع
المقالة الرابعة :
نص السؤال : قارن بين عناصر الأطروحة التالية : " بالاستدلال الصوري والاستقرائي يتوصل إلى معرفة الحقائق "
الإجابة النموذجية : طريقة المقارنة
1
– طرح المشكلة : يسلك العقلالإنساني عمليات فكرية مختلفة في البحث عن
المعرفة وفي طلب الحقيقة ومنبينها طريقة الاستدلال أهمها استخداما
الاستدلال الصوري والاستدلالالاستقرائي.فأما الاستدلال الصوري (الاستنتاج)
فيعتبر من أشيع صورالاستدلال وأكملها إنه في عرف المناطقة القدماء ينطلق
من المبدأ إلىالنتائج أو هو البرهان على " القضايا الجزئية بواسطة القضايا
الكليةالعامة ، باستخلاص الحقيقة الجزئية من الحقيقة الكلية العامة "
ويدخل فيهذا التعريف شكلا الاستنتاج الصوري أو الاستنتاج التحليلي
والاستنتاج أوالرياضي ، أما الاستدلال الاستقرائي كما عرفه القدماء ، منهم
أرسطو : "إقامة قضية عامة ليس عن طريق الاستنباط ، وإنما بالالتجاء إلى
الأمثلةالجزئية التي يمكن فيها صدق تلك القضية العامة ..." أما المحدثون
فقدعرفوه " استنتاج قضية كلية من أكثر من قضيتين ، وبعبارة أخرى هو
استخلاصالقواعد العامة من الأحكام الجزئية ". فإذا كان العقل في بحثه
يعتمد علىهذين الاستدلالين فما علاقة كل منهما بالآخر في مساندة العقل على
بلوغالحقيقة ؟
2 – محاولة حل المشكلة :
كل
من الاستدلال الصوريوالاستقرائي منهجان عقليان يهدفان إلى بلوغ الحقيقة
والوقوف على النتيجةبعد حركة فكرية هادفة ، كما أنهما نوعان من الاستدلال
ينتقلا سويا منمقدمات وصولا إلى نتائج ، كما أن العقل في بنائه للقوانين
العامة أو فياستنباطه لما يترتب عنها من نتائج يتبع أساليب محددة في
التفكير ويستندإلى مبادئ العقل .
ولكن هل وجود نقاط تشابه بينهما يمنع وجود اختلاف بينهما.
من
خلال الوقوف على حقيقة كل منالاستدلال الصوري والاستدلال الاستقرائي سنجد
أهم فرق بينهما في كون أنالاستدلال الاستقرائي ينطلق من أحكام كلية باتجاه
أحكام جزئية ويتدرج نحوقوانينها العامة ، أما الاستدلال الصوري فينطلق من
أحكام كلية باتجاهأحكام جزئية . فعملية الاستقراء تقوم على استنباط
القوانين من استنطاقالوقائع ، أما عملية الاستنتاج فتقوم على انتقال الفكر
من المبادئ إلىنتائجها بصورة عقلية بحتة . وقد بين ذلك برتراند راسل في
قوله " يعرفالاستقراء بأنه سلوك فكري يسير من الخاص إلى العام ، في حين أن
الاستنتاجهو السلوك الفكري العكسي الذي يذهب من العام إلى الخاص " هذا
بالإضافة إلىكون نتائج الاستدلال الاستقرائي تستمد يقينها من الرجوع إلى
التجربة أيتتطلب العودة إلى المدرك الحسي من أجل التحقق ، بينما نتائج
الاستنتاجتستمد يقينها من علاقاتها بالمقدمات أي تفترض عدم التناقض بين
النتائجوالمقدمات .بالإضافة إلى ذلك نجد أن النتيجة في الاستدلال الصوري
متضمنةمنطقيا في المقدمات ، وأننا قد نصل إلى نتيجة كاذبة على الرغم من
صدقالمقدمات ، نجد على العكس من ذلك أن الاستدلال الاستقرائي يستهدف
إلىالكشف عما هو جديد ، لأنه ليس مجرد تلخيص للملاحظات السابقة فقط ، بل
إنهيمنحنا القدرة على التنبؤ.
لكن هل وجود نقاط الاختلاف هذه تمنع من وجود نقاط تداخل بينهما ؟
إن
عملية الفصل بين الاستدلالالصوري والاستدلال الاستقرائي تبدو صعبة خاصة في
الممارسة العملية ،فبالرغم من أننا ننساق عادة مع النظرة التي تميز بينهما
باعتبارهماأسلوبين من الاستدلال .إلا أن هناك نظرة تبسيطية مثل الفيلسوف
كارل بوبرالذي يرى إن العمل الاستقرائي العلمي يحتاج إلى استنباط منطقي ،
يمكن منالبحث عن الصورة المنطقية للنظرية ، ومقارنة نتائجها بالاتساق
الداخليوبغيرها من النظريات الأخرى .يقول بترا ند راسل: " إذا كان تفكير
المجربيتصرف عادة منطلقا من ملاحظة خاصة ، ليصعد شيئا فشيئا نحو مبادئ
وقوانينعامة ، فهو يتصرف كذلك حتما منطلقا من نفس تلك القوانين العامة ،
أوالمبادئ ليتوجه نحو أحداث خاصة يستنتجها منطقيا من تلك المبادئ "
وهذايثبت التداخل الكبير بينهما باعتبار أن المقدمات هي في الأغلب
أحكاماستقرائية ويتجلى دور الاستدلال الصوري في عملية الاستدلال
الاستقرائي فيمرحلة وضع الفروض فبالاستدلال الصوري يكمل الاستدلال
الاستقرائي فيالمراحل المتقدمة من عملية بناء المعرفة العلمية .
3
– حل المشكلة : إن العلاقة بينالاستدلال الصوري والاستقرائي هي علاقة
تكامل إذ لا يمكن الفصل بينهما أوعزلهما عن بعضهما فالذهن ينتقل من
الاستدلال الاستقرائي إلى الاستدلالالصوري و يرتد من الاستدلال الصوري إلى
الاستدلال الاستقرائي بحثا عنالمعرفة ويقو ل الدكتور محمود قاسم : " وهكذا
يتبين لنا أن التفرقة بينهذين الأسلوبين من التفكير مصطنعة "ويقول بترا ند
راسل " ويصعب كذلك الفصلبين الاستنتاج والاستقراء" و بناء على هذا فالفكر
الاستدلالي يستند فيطلبه للمعرفة إلى هذين الطريقين المتكاملين وبدونهما
يتعذر بناء استدلالصحيح .
المقالة الخامسة :
نص السؤال : " ينبغي أن تكون الحتمية المطلقة أساسا للقوانين التي يتوصل إليها العلم " ما رأيك ؟
الإجابة النموذجية : الطريقة الجدلية
طرح
المشكلة ← إن الغاية منالعلم هو الوصول إلى تفسير الظواهر تفسيرا صحيحا ،
أي معرفة الأسبابالقريبة التي تتحكم في الظواهر و أنه إذا تكرر نفس السبب
فإنه سيؤدي حتماإلى نفس النتائج وقد اصطلح على تسميته من طرف العلماء
بمبدأ الحتمية ؛ إلاأنه شكل محل خلاف بين الفلاسفة القرن 19 وفلاسفة القرن
20 فقد كان نظاماثابتا يحكم كل الظواهر عند الفريق الأول ثم أفلتت بعض
الظواهر عنه حسبالفريق الثاني بظهور مجال جديد سمي باللاحتمية فأي
الفريقين على صواب أوبمعنى أخر :هل يمكن الاعتقاد بأن الحوادث الطبيعية
تجري حسب نظام كلي دائم؟ أم يمكن تجاوزه ؟
محاولة حل المشكلة ←
الأطروحة
← يرى علماء (الفيزياء الحديثة) وفلاسفة القرن التاسع عشر ( نيوتن ، كلود
برنار ،لابلاس ، غوبلو ، بوانكاريه ) أن الحتمية مبدأ مطلق . فجميع ظواهر
الكونسواء المادية منها أو البيولوجية تخضع لمبدأ إمكانية التنبؤ بها .
ولقدأشار نيوتن في القاعدة الثانية من أسس تقدم البحث العلمي و الفلسفي :
"يجب أن نعين قدر المستطاع لنفس الآثار الطبيعية نفس العلل " كما
اعتبربوانكاريه الحتمية مبدأ لا يمكن الاستغناء عنه في أي تفكير علمي أو
غيرهفهو يشبه إلى حد كبير البديهيات إذ يقول " إن العلم حتمي و ذلك
بالبداهة "كما عبر عنها لابلاس عن مبدأ الحتمية أصدق تعبير عندما قال "
يجب علينا أننعتبر الحالة الراهنة للكون نتيجة لحالته السابقة ، وسببا في
حالته التيتأتي من بعد ذلك مباشرة لحالته السابقة ، وسببا في حالته التي
تأتي من بعدذلك مباشرة "" وكلود برنار يضيف أن الحتمية ليس خاصة بالعلوم
الفيزيائيةوحدها فقط بل هي سارية المفعول حتى على علوم الإحياء . وأخيرا
يذهب غوبلوإلى القول : بأن العالم متسق ، تجري حوادثه على نظام ثابت وأن
نظام العالمكلي وعام فلا يشذ عنه في المكان حادث أو ظاهرة فالقانون العلمي
هو إذنالعلاقة الضرورية بين الظواهر الطبيعية "
الحجج
← إن الطبيعة تخضعلنظام ثابت لا يقبل الشك أو الاحتمال لأنها غير مضطرة و
معقدة وبالتاليفمبدأ الحتمية هو أساس بناء أي قانون علمي ورفضه هو إلغاء
للعقل وللعلممعا .
النقد
← لكن مع اقتراب القرن19 من نهايته اصطدم التفسير الميكانيكي ببعض
الصعوبات لم يتمكن من إيجادحل لها مثلا : افتراض فيزياء نيوتن أن الظواهر
الطبيعية مترابطة و متشابكةمما يقلل من فعالية ووسائل القياس عن تجزئتها
إلى فرديات يمكن الحكم علىكل واحد منها بمعزل عن الأخرى . ولن يكون صورة
كاملة عن هذا العالم إلاإذا وصلت درجة القياس الذي حواسنا إلى درجة
النهاية وهذا مستحيل .
نقيض
الأطروحة ← يرى علماء (الفيزياء المعاصرة ) و فلاسفة القرن العشرين (
بلانك ، ادينجتون ، ديراك ،هيزنبرغ ) أن مبدأ الحتمية غير مطلق فهو لا
يسود جميع الظواهر الطبيعية .
الحجج
← لقد أدت الأبحاث التيقام بها علماء الفيزياء و الكيمياء على الأجسام
الدقيقة ، الأجسامالميكروفيزيائية إلى نتائج غيرت الاعتقاد تغييرا جذريا .
حيث ظهر ما يسمىباللاحتمية أو حساب الاحتمال وبذلك ظهر ما يسمى بأزمة
الفيزياء المعاصرة والمقصود بهذه الأزمة ، أن العلماء الذين درسوا مجال
العالم الأصغر أيالظواهر المتناهية في الصغر ، توصلوا إلى أن هذه الظواهر
تخضع لللاحتميةوليس للحتمية ورأى كل من ادينجتون و ديراك أن الدفاع عن
مبدأ الحتمية باتمستحيلا ، وكلاهما يرى أن العالم المتناهي في الصغر عالم
الميكروفيزياءخاضع لمبدأ الإمكان و الحرية و الاختيار . ومعنى هذا أنه لا
يمكن التنبؤبهذه الظواهر ونفس الشيء بالنسبة لبعض ظواهر العالم الأكبر
(الماكروفيزياء) مثل الزلازل . وقد توصل هايزنبرغ عام 1926 إلى أن قياس
حركة الإلكترونأمر صعب للغاية ، واكتفى فقط بحساب احتمالات الخطأ المرتكب
في التوقع أوما يسمى بعلائق الارتياب حيث وضع القوانين التالية :
← كلما دق قياس موقع الجسم غيرت هذه الدقة كمية حركته .
← كلما دق قياس حركته التبس موقعه .
← يمتنع أن يقاس موقع الجسم وكمية حركته معا قياسا دقيقا ، أي يصعب معرفة موقعه وسرعته في زمن لاحق .
إذا
هذه الحقائق غيرت المفهومالتوليدي حيث أصبح العلماء الفيزيائيون يتكلمون
بلغة الاحتمال و عندئذأصبحت الحتمية فرضية علمية ، ولم تعد مبدأ علميا
مطلقا يفسر جميع الظواهر .
نقد
← لكن رغم أن النتائج والبحوث العلمية أثبتت أن عالم الميكروفيزياء يخضع
لللاحتمية وحسابالاحتمال فإن ذلك مرتبط بمستوى التقنية المستعملة لحد الآن
. فقد تتطورالتقنية و عندئذ في الإمكان تحديد موقع وسرعة الجسم في آن واحد
.
التركيب
← ذهب بعض العلماءأصحاب الرأي المعتدل على أن مبدأ الحتمية نسبي و يبقى
قاعدة أساسية للعلم، فقد طبق الاحتمال في العلوم الطبيعية و البيولوجية
وتمكن العلماء من ضبطظواهر متناهية في الصغر واستخرجوا قوانين حتمية في
مجال الذرة و الوراثة ،ولقد ذهب لانجفان إلى القول " و إنما تهدم فكرة
القوانين الصارمة الأكيدةأي تهدم المذهب التقليدي "
حل
المشكلة ← ومنه يمكن القولأن كل من الحتمية المطلقة والحتمية النسبية
يهدفان إلى تحقيق نتائج علميةكما أن المبدأين يمثلان روح الثورة العلمية
المعاصرة ، كما يتناسب هذا معالفطرة الإنسانية التي تتطلع إلى المزيد من
المعرفة ، وواضح أن مبدأالحتمية المطلق يقودنا على الصرامة وغلق الباب
الشك و التأويل لأن هذهالعناصر مضرة للعلم ، وفي الجهة المقابلة نجد مبدأ
الحتمية النسبي يحث علىالحذر و الابتعاد عن الثقة المفرطة في ثباتها ، لكن
من جهة المبدأ العامفإنه يجب علينا أن نعتبر كل نشاط علمي هو سعي نحو
الحتمية فباشلار مثلايعتبر بأن مبدأ اللاتعيين في الفيزياء المجهرية ليس
نفيا للحتمية ، وفيهذا الصدد نرى بضرورة بقاء مبدأ الحتمية المطلق قائم في
العقلية العلميةحتى وإن كانت بعض النتائج المتحصل عليها أحيانا تخضع لمبدأ
حسابالاحتمالات .
المقالة السادسة :
نص السؤال :
الإجابة النموذجية : طريقة استقصاء بالوضع
طرح المشكلة :
إن
الفرضية هي تلك الفكرة المسبقة التي توحي بهاالملاحظة للعالم ، فتكون
بمثابة خطوة تمهيدية لوضع القانون العلمي ، أيالفكرة المؤقتة التي يسترشد
بها المجرب في إقامته للتجربة . ولقد كانشائعا بين الفلاسفة والعلماء من
أصحاب النزعة التجريبية أنه لم يبقللفرضية دور في البحث التجريبي إلا أنه
ثمة موقف آخر يناقض ذلك متمثلا فيموقف النزعة العقلية التي تؤكد على
فعالية الفرضية و أنه لا يمكنالاستغناء عنها لهذا كان لزاما علينا أن
نتساءل كيف يمكن الدفاع عن هذهالأطروحة؟ هل يمكن تأكيدها بأدلة قوية ؟ و
بالتالي تبني موقف أنصارها ؟
محاولة حل المشكلة :
عرض منطق الأطروحة :
يذهب
أنصار الاتجاه العقلي إلى أن الفرضية كفكرة تسبقالتجربة أمر ضروري في
البحث التجريبي ومن أهم المناصرين للفرضية كخطوةتمهيدية في المنهج
التجريبي الفيلسوف الفرنسي كلود برنار ( 1813 – 1878 )و هو يصرح بقوله
عنها « ينبغي بالضرورة أن نقوم بالتجريب مع الفكرةالمتكونة من قبل» ويقول
في موضع أخر « الفكرة هي مبدأ كل برهنة وكل اختراعو إليها ترجع كل مبادرة
» وبالتالي نجد كلود برنار يعتبر الفرض العلميخطوة من الخطوات الهامة في
المنهج التجريبي إذ يصرح « إن الحادث يوحيبالفكرة والفكرة تقود إلى
التجربة وتحكمها والتجربة تحكم بدورها علىالفكرة » أما المسلمة المعتمدة
في هذه الأطروحة هو أن " الإنسان يميلبطبعه إلى التفسير و التساؤل كلما
شاهد ظاهرة غير عادية " وهو في هذاالصدد يقدم أحسن مثال يؤكد فيه عن قيمة
الفرضية و ذلك في حديثه عن العالمالتجريبي " فرانسوا هوبير" ، وهو يقول أن
هذا العالم العظيم على الرغم منأنه كان أعمى فإنه ترك لنا تجارب رائعة كان
يتصورها ثم يطلب من خادمه أنيجربها ،، ولم تكن عند خادمه هذا أي فكرة
علمية ، فكان هوبير العقل الموجهالذي يقيم التجربة لكنه كان مضطرا إلى
استعارة حواس غيره وكان الخادم يمثلالحواس السلبية التي تطبع العقل لتحقيق
التجربة المقامة من أجل فكرة مسبقة. و بهذا المثال نكون قد أعطينا أكبر
دليل على وجوب الفرضية وهي حجةمنطقية تبين لنا أنه لا يمكن أن نتصور في
تفسير الظواهر عدم وجود أفكارمسبقة و التي سنتأكد على صحتها أو خطئها بعد
القيام بالتجربة .
نقد خصوم الأطروحة :
هذه
الأطروحة لها خصوم وهم أنصار الفلسفة التجريبية والذين يقرون بأن الحقيقة
موجودة في الطبيعة و الوصول إليها لا يأتي إلا عنطريق الحواس أي أن الذهن
غير قادر على أن يقودنا إلى حقيقة علمية .والفروض جزء من التخمينات
العقلية لهذا نجد هذا الاتجاه يحاربها بكل شدة ؛حيث نجد على رأس هؤلاء
الفيلسوف الإنجليزي جون ستيوارت مل ( 1806 - 1873 )الذي يقول فيها « إن
الفرضية قفزة في المجهول وطريق نحو التخمين ، ولهذايجب علينا أن نتجاوز
هذا العائق وننتقل مباشرة من الملاحظة إلى التجربة»وقد وضع من أجل ذلك
قواعد سماها بقواعد الاستقراء متمثلة في : ( قاعدةالاتفاق أو التلازم في
الحضور _ قاعدة الاختلاف أو التلازم في الغياب –قاعدة البواقي – قاعدة
التلازم في التغير أو التغير النسبي ) وهذه القواعدحسب " مل " تغني البحث
العلمي عن الفروض العلمية . ومنه فالفرضية حسبالنزعة التجريبية تبعد
المسار العلمي عن منهجه الدقيق لاعتمادها علىالخيال والتخمين المعرض للشك
في النتائج – لأنها تشكل الخطوة الأولىلتأسيس القانون العلمي بعد أن تحقق
بالتجربة – هذا الذي دفع من قبل العالمنيوتن يصرح ب : « أنا لا أصطنع
الفروض » كما نجد "ما جندي" يرد على تلميذهكلود برنار : «اترك عباءتك ، و
خيالك عند باب المخبر » . لكن هذا الموقف (موقف الخصوم ) تعرض لعدة
انتقادات أهمها :
-
أما عن التعرض للإطار العقلي للفرض العلمي ؛ فالنزعةالتجريبية قبلت المنهج
الاستقرائي وقواعده لكنها تناست أن هذه المصادر هينفسها من صنع العقل
مثلها مثل الفرض أليس من التناقض أن نرفض هذا ونقبلبذاك .
-
كما أننا لو استغنينا عن مشروع الافتراض للحقيقةالعلمية علينا أن نتخلى
أيضا عن خطوة القانون العلمي – هو مرحلة تأتي بعدالتجربة للتحقق من
الفرضية العلمية - المرحلة الضرورية لتحرير القواعدالعلمية فكلاهما –
الفرض ، القانون العلمي – مصدران عقليان ضروريان فيالبحث العلمي عدمهما في
المنهج التجريبي بتر لكل الحقيقة العلمية .
-
كما أن عقل العالم أثناء البحث ينبغي أن يكون فعالا ،وهو ما تغفله قواعد
"جون ستيوارت مل "التي تهمل العقل و نشاطه في البحثرغم أنه الأداة
الحقيقية لكشف العلاقات بين الظواهر عن طريق وضع الفروض ،فدور الفرض يكمن
في تخيل ما لا يظهر بشكل محسوس .
-
كما أننا يجب أن نرد على "جون ستيوارت مل" بقولنا أنهإذا أردنا أن ننطلق
من الملاحظة إلى التجربة بالقفز وتجاهل الفرضية فنحنمضطرين لتحليل
الملاحظة المجهزة تحليلا عقليا و خاصة إذا كان هذا التحليلمتعلق بعالم
يتصف بالروح العلمية . يستطيع بها أن يتجاوز تخميناته الخاطئةويصل إلى
تأسيس أصيل لنظريته العلمية مستعملا الفرض العلمي لا متجاوزا له .
-
أما" نيوتن " ( 1642 – 1727 )لم يقم برفض كل أنواعالفرضيات بل قام برفض
نوع واحد وهو المتعلق بالافتراضات ذات الطرحالميتافيزيقي ، أما الواقعية
منها سواء كانت علية ، وصفية ، أو صورية فهيفي رأيه ضرورية للوصول إلى
الحقيقة . فهو نفسه استخدم الفرض العلمي فيأبحاثة التي أوصلته إلى صياغة
نظريته حول الجاذبية .
الدفاع عن الأطروحة بحجج شخصية شكلا ومضمونا :
إن
هذه الانتقادات هي التي تدفعنا إلى الدفاع مرة أخرىعن الأطروحة القائلة :
« إن التجريب دون فكرة سابقة غير ممكن ... » ، ولكنبحجج وأدلة جديدة تنسجم
مع ما ذهب إليه كلود برنار أهمها :
-
يؤكد الفيلسوف الرياضي " بوانكاريه " ( 1854 – 1912 )وهو يعتبر خير مدافع
عن دور الفرضية لأن غيابها حسبه يجعل كل تجربة عقيمة، «ذلك لأن الملاحظة
الخالصة و التجربة الساذجة لا تكفيان لبناء العلم »مما يدل على أن الفكرة
التي يسترشد بها العالم في بحثه تكون من بناء العقلوليس بتأثير من الأشياء
الملاحظة وهذا ما جعل بوانكاريه يقول أيضا « إنكومة الحجارة ليست بيتا
فكذلك تجميع الحوادث ليس علما »
-
إن الكشف العلمي يرجع إلى تأثير العقل أكثر مما يرجعإلى تأثير الأشياء
يقول " ويوال " : « إن الحوادث تتقدم إلى الفكر بدونرابطة إلى أن يحي
الفكر المبدع .» والفرض علمي تأويل من التأويلات العقلية.
-
إن العقل لا يستقبل كل ما يقع في الطبيعة استقبالاسلبيا على نحو ما تصنع
الآلة ، فهو يعمل على إنطاقها مكتشفا العلاقاتالخفية ؛ بل نجد التفكير
العلمي في عصرنا المعاصر لم يعد يهمه اكتشافالعلل أو الأسباب بقدر ما هو
اكتشاف العلاقات الثابتة بين الظواهر ؛والفرض العلمي تمهيد ملائم لهذه
الاكتشافات ، ومنه فليس الحادث الأخرس هوالذي يهب الفرض كما تهب النار
الفرض كما تهب النار ؛ لأن الفرض من قبيلالخيال ومن قبيل واقع غير الواقع
المحسوس ، ألم يلاحظ أحد الفلكيين مرة ،الكوكب "نبتون" قبل " لوفيري " ؟
ولكنه ، لم يصل إلى ما وصل إليه " لوفيري" ، لأن ملاحظته العابرة لم تسبق
فكرة أو فرض .
-
لقد أحدثت فلسفة العلوم ( الابستملوجيا ) تحسينات علىالفرض – خاصة بعد
جملة الاعتراضات التي تلقاها من النزعة التجريبية -ومنها : أنها وضعت لها
ثلاثة شروط ( الشرط الأول يتمثل : أن يكون الفرضمنبثقا من الملاحظة ،
الشرط الثاني يتمثل : ألا يناقض الفرض ظواهر مؤكدةتثبت صحتها ، أما الشرط
الأخير يتمثل : أن يكون الفرض كافلا بتفسير جميعالحوادث المشاهدة ) ، كما
أنه حسب "عبد الرحمان بدوي " (1917 - 2002) لانستطيع الاعتماد على العوامل
الخارجية لتنشئة الفرضية لأنها برأيه « ...مجرد فرص ومناسبات لوضع الفرض
... » بل حسبه أيضا يعتبر العوامل الخارجيةمشتركة بين جميع الناس ولو كان
الفرض مرهونا بها لصار جميع الناس علماءوهذا أمر لا يثبته الواقع فالتفاحة
التي شاهدها نيوتن شاهدها قبله الكثيرلكن لا أحد منهم توصل إلى قانون
الجاذبية . ولهذا نجد عبد الرحمان بدوييركز على العوامل الباطنية ؛ «...
أي على الأفكار التي تثيرها الظواهرالخارجية في نفس المشاهد ...»
-
ومع ذلك ، يبقى الفرض أكثر المساعي فتنة وفعالية ، بلالمسعى الأساسي الذي
يعطي المعرفة العلمية خصبها سواء كانت صحته مثبتة أوغير مثبتة ، لأن الفرض
الذي لا تثبت صحته يساعد بعد فشله على توجيه الذهنوجهة أخرى وبذلك يساهم
في إنشاء الفرض من جديد ؛ فالفكرة إذن منبع رائعللإبداع مولد للتفكير في
مسائل جديدة لا يمكن للملاحظة الحسية أن تنتبهلها بدون الفرض العلمي .
حل المشكلة :
نستنتج
في الأخير أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال إنكاردور الفرضية أو استبعاد
آثارها من مجال التفكير عامة ، لأنها من جهة أمرعفوي يندفع إليه العقل
الإنساني بطبيعته ، ومن جهة أخرى وهذه هي الصعوبة ،تعتبر أمرا تابعا
لعبقرية العالم وشعوره الخالص وقديما تنبه العالم المسلمالحسن بن الهيثم (
965 - 1039 ) - قبل كلود برنار _ في مطلع القرن الحاديعشر بقوله عن ضرورة
الفرضية « إني لا أصل إلى الحق من آراء يكون عنصرهاالأمور الحسية و صورتها
الأمور العقلية » ومعنى هذا أنه لكي ينتقل منالمحسوس إلى المعقول ، لابد
أن ينطلق من ظواهر تقوم عليها الفروض ، ثم منهذه القوانين التي هي صورة
الظواهر الحسية .وهذا ما يأخذنا في نهايةالمطاف التأكيد على مشروعية
الدفاع وبالتالي صحة أطروحتنا .
3 - إشكالية : العلاقات بين الناس أو الحياة بين التنافروالتجاذب
مشكلة : الشعور بالأنا والشعور بالغير
المقالة الثامنة : منقولة
نص السؤال : هل الشعور بالأنا يتوقف على الغير ؟
الإجابة النموذجية : الطريقة الجدلية
01 مقدمة : طرح المشكلة
من
المشاكل النفسية التي ظلت تؤرق الإنسان هي محاولةالتعرف على الذات في
مختلف الصفات التي تخصها ؛ بحيث اتجه محور الاهتمامإلى تشكيل بنية الأنا
عبر الغير الذي بإمكانه مساعدته إلا أن ذلك لم يكنفي حال من الاتفاق بين
الفلاسفة الذين انقسموا إلى نزعتين الأولى تعتقد أنمشاركة الأخر أي الغير
أضحت أمرا ضروريا والنزعة الثانية تؤكد على وجوب أنيتشكل الأنا بمفرده عبر
الشعور وأمام هذا الاختلاف في الطرح نقف عندالمشكلة التالية : هل الشعور
بالأنا يتوقف على الغير ؟ وبعبارة أوضح وأحسنهل الشعور بالأنا مرتبط
بالأخر أم انه لا يتعدى الشخص؟
02 التحليل ومحاولة حل المشكلة
أ -الأطروحة
: الشعور بالأنا مرتبط بالغير يرىأنصار الأطروحة أن الشعور بالأنا يرتبط
بالغير فلا وجود لفردية متميزة بلهناك شعور جماعي موحد ويقتضي ذلك وجود
الأخر والوعي به .
البرهنة :
يقدم أنصار الأطروحة مجموعة منالبراهين تقوية لموقفهم الداعي إلى القول
بان الشعور بالأنا يكون بالغيرهو انه لا مجال للحديث عن الأنا خارج الأخر
الذي
يقبل الأنا عبر التناقض والمغايرة ومن هنا يتكونشعور أساسه الأخر عبر ما
يسميه ديكارت بالعقل الذي بواسطته نستطيع التأليفبين دوافع الذات وطريقة
تحديد كيفيات الأشياء والأشخاص وفي هذا السياقيعتقد الفيلسوف الألماني
"هيغل " أن وجود الغير ضروري لوجود الوعي بالذاتفعندما أناقض غيري أتعرف
على أناي وهذا عن طريق الاتصال به وهنا يحصل وعيالذات وذات الغير في إطار
من المخاطرة والصراع ومن هنا تتضح الصورة وهي أنالشعور بالأنا يقوم مقابله
شعور بالغير كما انه لابد للانا أن يعي الأخرإلا أن الأخر ليس خصما ولا
يتحول إلى شيء لابد من تدميره كما يعتقد البعضبل إلى مجال ضروري الاهتداء
إليه لبناء ذات قوية فقد تختلف الذوات وتتنوعرؤى فكرية كثيرة ولكن لا يفسد
ذلك ودا جماعيا وحتى وان استنطق الإنسان فينفسه غرائز الموت والتدمير
الطبيعية فان مفهوم الصراع يناسب مملكةالحيوانات ومنطق قانون الغاب وهذا
الأمر لا ينطبق على من خلقوا من اجلالتعارف وليس بعيدا عن الصواب القول
بان وعي الذات لا يصبح قابلا للمعرفةإلا بفعل وجود الأخر والتواصل معه في
جو من التنافس والبروز ومن هنا يمكنالتواصل مع الغير ولقد كتب المفكر
المغربي محمد عزيز لحبابي " إن معرفةالذات تكمن في أن يرضى الشخص بذاته
كما هو ضمن هذه العلاقة : "الأنا جزءمن النحن في العالم "
وبالتالي
فالمغايرة تولد التقارب والتفاهم ويقول تعالى: " ولولا دفاع الله الناس
بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل علىالعالمين.
وهكذا
فالشعور بالأخر تسمح لنا بالمتوقع داخل شخصيةالأخر والاتصال الحقيقي
بالأخر كما يرى ماكس شيلر يتمثل في التعاطف ومنهلا غنى للانا عن الغير .
نقد الأطروحة : يمكن الرد على هذه الأطروحة بالانتقادات التالية
إن
الشعور بالأنا يتأسس على الغير لكن الواقع يؤكد بأنهقد يكون عائقا وليس
محفزا لتكون ذات قوية فكل" أنا" يعيش مجالا خاصا وفيذلك رغبة فردية وشخصية
.
ب - نقيض الأطروحة :" الشعور بالأنا شخصي
يرى
أنصار الأطروحة أن الأنا يعيش مع ذاته ويحيامشاريعه بنفسه وبطريقة حرة أي
كفرد حر وهذا الامتلاك يكون بمقدوره التعاملمع الواقع بشكل منسجم .
البرهنة :
يقدم أنصار هذا النقيض جملة منالبراهين في تأكيدهم على الشعور بالأنا على
انه شخصي ولا مجال لتدخل الغيرالذي يعتبره أنصار النقيض بأنه عقبة لا بد
من تجاوزها ؛
ومن
هذا المنطلق يؤكد الفيلسوف الفرنسي ماي دوبيران علىأن الشعور بالواقع ذاتي
وكتب يقول : " قبل أي شعور بالشيء فلابد من أنالذات وجود " ومن مقولة
الفيلسوف يتبين أن الوعي والشك والتأمل عواملأساسية في التعامل مع الذات
ووعيها ولقد كان سارتر اصدق تعبيرا عندما قال" الشعور هو دائما شعور بشيء
ولا
يمكنه إلا أن يكون واعيا لذاته " ومن هنا يتقدمالشعور كأساس للتعرف على
الذات كقلعة داخلية حيث يعيش الأنا داخل عالمشبيه بخشبة المسرح وتعي الذات
ذاتها
عن
طري ما يعرف بالاستبطان فالشعور مؤسس للانا والذاتالواعية بدورها تعرف
أنها موجودة عن طريق الحدس ويسمح لها ذلك بتمثيلذاتها عقليا ويكون الحذر
من وقوف الآخرين وراء الأخطاء التي نقع فيها ولقدتساءل" أفلاطون"
قديما
حول هذه الحقيقة في أسطورة الكهف المعروفة أن مايقدمه لنا وعينا ما هو إلا
ظلال وخلفها نختبئ حقيقتنا كموجودات " كما يحذرسبينوزا من الوهم الذي
يغالط الشعور الذي لابد أن يكون واضحا خاصة علىمستوى سلطان الرغبات
والشهوات ومن هنا فقد الجحيم هم الآخرون على حد تعبيرأنصار النقيض فيريد
الأنا فرض وجوده وإثباته
ويدعو
فرويد إلى التحرر الشخصي من إكراهات المجتمعللتعرف على قدرة الأنا في
إتباع رغباته رغم أنها لا شعورية وهكذا فألانالا يكون أنا إلا إذا كان
حاضرا إزاء ذاته أي ذات عارفة .
نقد نقيض الأطروحة
: إن هذا النقيض ينطلق منتصور يؤكد دور الأنا في تأسيس ذاته ولكن من زاوية
أخرى نلاحظه قاصرا فيإدراكها والتعرف عليها فليس في مقدور الأنا التحكم في
ذاته وتسييرها فيجميع الأحوال ففي ذلك قصور.
التركيب :
من خلال لعرض الأطروحتين يتبين أنالأنا تكوين من الأخر كما انه شخصي هذا
التأليف يؤكد عليه الفيلسوفالفرنسي غابريال مارسيل عن طريق التواصل أي رسم
دائرة الانفراد دون العزلةعن الغير أي تشكيل للانا جماعي وفردي أي تنظيم
ثنائي يكون ذات شاعرةومفكرة في نفس الوقت .
03 خاتمة وحل المشكلة
يمكن
القول في الختام أن الشعور بالأنا يكون جماعيا عبرالأخر كما انه يرتبط
بالأنا انفراديا ومهما يكن فالتواصل الحقيقي بينالأنا والأخر يكون عن طريق
الإعجاب بالذات والعمل على تقويتها بإنتاجمشترك مع الغير الذي يمنحها
التحفيز والتواصل الأصيل وتجاوز المآسيوالكوارث . داخل مجال من الاحترام
والتقدير والمحبة .
الأربعاء مايو 30, 2018 8:53 pm من طرف Nanondouch
» إختبار الثلاثي الثالث مادة العلوم الطبيعية
الأربعاء مايو 16, 2018 9:05 pm من طرف حاج
» دلیل بناء اختبار مادة علوم الطبیعة والحیاة في امتحان شھادة البكالوریا – أكتوبر 2017
الخميس نوفمبر 30, 2017 11:58 pm من طرف زغينة الهادي
» ملفات مفتوحة المصدر لجميع مصممين الدعاية والاعلان
السبت نوفمبر 25, 2017 1:04 am من طرف زغينة الهادي
» مادة الرياضيات السنة الاولى ثانوي
الخميس نوفمبر 16, 2017 12:12 am من طرف اسماعيل بوغنامة
» برنامج لصنع توقيت مؤسسة تربوية
الخميس سبتمبر 28, 2017 11:12 pm من طرف زغينة الهادي
» كل ما يخص الثانية متوسط من مذكرات ووثائق للأساتذة
الثلاثاء سبتمبر 26, 2017 11:03 am من طرف linda.hammouche
» المنهاج والوثيقة المرافقة له للجيل الثاني في كل المواد لمرحلة التعليم المتوسط
الثلاثاء سبتمبر 26, 2017 10:56 am من طرف linda.hammouche
» دليل استخدام كتاب الرياضيات الجيل الثاني سنة4
الجمعة سبتمبر 22, 2017 1:26 pm من طرف زغينة الهادي